ثُمَّ إِنْ عَاشَ الْوَلَدُ حَتَّى اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ وَالْعَيْنَ، فَذَاكَ، فَإِنْ خَرَجَ زَهِيدًا وَفَضَلَ مِنَ الْمُقَدَّرِ شَيْءٌ، فَهُوَ لِلزَّوْجِ، وَإِنْ كَانَ رَغِيبًا وَاحْتَاجَ إِلَى زِيَادَةٍ، فَهِيَ عَلَى الزَّوْجِ.
وَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ، فَلَهُ حَالَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ الْإِرْضَاعِ، فَفِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي انْفِسَاخِ الْعَقْدِ، وَجَوَازِ الْإِبْدَالِ، فَإِنْ حَكَمْنَا بِالِانْفِسَاخِ، وَمَنَعْنَا الْإِبْدَالَ، انْفَسَخَ فِيمَا بَقِيَ مِنَ الْمُدَّةِ، وَفِي انْفِسَاخِهِ فِيمَا مَضَى وَفِي الطَّعَامِ وَالْكُسْوَةِ خِلَافُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.
وَالْأَظْهَرُ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ.
وَإِذَا قُلْنَا: لَا يَنْفَسِخُ، اسْتَوْفَى الزَّوْجُ الطَّعَامَ وَالْكُسْوَةَ، وَيَرْجِعُ بِمَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِيهِ مِنَ الْمُدَّةِ إِلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي قَوْلٍ، وَإِلَى حِصَّتِهِ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَبَيَانُ الْحِصَّةِ بِأَنْ يُقَوَّمَ الطَّعَامُ وَالْأُدْمُ وَالْكُسْوَةُ، وَمَا مَضَى مِنَ الْمُدَّةِ، وَمَا بَقِيَ، وَيُعْرَفُ نِسْبَةُ قِيمَةِ الْبَاقِي مِنَ الْمُدَّةِ مِنَ الْجَمِيعِ، فَيَجِبُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ.
وَإِذَا قُلْنَا: يَتَعَدَّى الِانْفِسَاخُ إِلَى الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ وَالنَّفَقَةِ، رَجَعَ إِلَى مَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَإِلَى بَدَلِ الْجَمِيعِ عَلَى الثَّانِي، وَتَرْجِعُ الزَّوْجَةُ بِأُجْرَةِ مَا مَضَى مِنْ مُدَّةِ الْإِرْضَاعِ، وَقَدْ يَقَعُ التَّقَاصُّ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ.
وَعَنِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ، أَنَّ الْوَاجِبَ قِسْطُ مَا سِوَى الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَتَسْقُطُ حِصَّتُهَا وَتُجْعَلُ مَنْفَعَتُهَا مُسْتَوْفَاةً.
الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يَمُوتَ بَعْدَ ارْتِضَاعِهِ الْمُدَّةَ بِكَمَالِهَا، فَيَبْقَى اسْتِحْقَاقُ النَّفَقَةِ وَالْكُسْوَةِ، وَهَلْ يَتَعَجَّلُ الِاسْتِحْقَاقَ أَمْ يَبْقَى مُنَجَّمًا كَمَا كَانَ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي.
وَلَوِ انْقَطَعَ جِنْسُ بَعْضِ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ، فَفِيهِ الْقَوْلَانِ السَّابِقَانِ فِي انْقِطَاعِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ.
أَحَدُهُمَا: يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ. فَعَلَى هَذَا يَنْفَسِخُ فِي الْمُنْقَطِعِ، وَلَا يَنْفَسِخُ فِي الْأَعْيَانِ الْمَقْبُوضَةِ عَلَى الْأَظْهَرِ، كَمَا لَوِ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ، فَقَبَضَ أَحَدَهُمَا وَتَلِفَ الْآخَرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute