الْحَنَّاطِيُّ: وَلَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً عَلَى قَوْلِهِ، فَإِنِ اتَّفَقَ تَارِيخُ الْبَيِّنَتَيْنِ، تَحَالَفَا وَإِلَّا فَالْأَسْبَقُ تَارِيخًا مُقَدَّمَةٌ.
وَلَوْ قَالَ: طَلَّقْتُكِ وَحْدَكِ بِأَلْفٍ، فَقَالَتْ: بَلْ طَلَّقْتَنِي وَضَرَّتِي، تَحَالَفَا وَعَلَيْهَا مَهْرُ الْمِثْلِ. وَلَوْ قَالَتْ: سَأَلْتُكَ وَاحِدَةً بِأَلْفٍ، فَأَجَبْتَنِي فَقَالَ: بَلْ طَلَّقْتُكِ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ، وَقَعَ الثَّلَاثُ وَوَجَبَ الْأَلْفُ، وَلَا مَعْنَى لِهَذَا الِاخْتِلَافِ.
وَلَوْ قَالَتْ: سَأَلْتُكَ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقْتَنِي طَلْقَةً، فَلَكَ الثُّلُثُ فَقَالَ: بَلْ ثَلَاثًا فَلِيَ الْأَلْفُ، فَإِنْ لَمْ يَطُلِ الْفَصْلُ، طُلِّقَتْ ثَلَاثًا وَلَزِمَهَا الْأَلْفُ، وَإِنْ طَالَ وَلَمْ يُمْكِنْ جَعْلُهُ جَوَابًا طُلِّقَتْ ثَلَاثًا بِإِقْرَارِهِ وَتَحَالَفَا لِلْعِوَضِ، وَعَلَيْهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، هَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ.
وَفِيمَا نَقَلَهُ أَبُو بَكْرٍ الْفَارِسِيُّ فِي «عُيُونِ الْمَسَائِلِ» وَاخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ، فَأَخَذَتْ طَائِفَةٌ بِالنَّصِّ، وَقَالَ الْبَغَوِيُّ: يَتَحَالَفَانِ وَلَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ طُولِ الْفَصْلِ وَعَدَمِهِ.
وَقَالَ آخَرُونَ: النَّصُّ مُشْكِلٌ فِي حَالَتَيِ الِاتِّصَالِ وَالِانْفِصَالِ. قَالَ الْإِمَامُ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي حَالَةِ الِاتِّصَالِ، إِنْ قَالَ الزَّوْجُ: مَا طَلَّقْتُكِ مِنْ قَبْلُ، وَالْآنَ أُطَلِّقُكِ ثَلَاثًا عَلَى أَلْفٍ، تَقَعُ الثَّلَاثُ وَيَجِبُ الْأَلْفُ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ وَقْتُ الْجَوَابِ.
وَإِنْ قَالَ: طَلَّقْتُكِ مِنْ قَبْلُ ثَلَاثًا تَعَذَّرَ جَعْلُ هَذَا إِنْشَاءً؛ لِأَنَّهَا بَانَتْ قَبْلَهُ، فَيَقَعُ الثَّلَاثُ بِإِقْرَارِهِ، وَلَا يَلْزَمُهَا إِلَّا ثُلُثُ الْأَلْفِ كَمَا لَوْ قَالَ: إِنْ رَدَدْتَ أَعْبُدِي الثَّلَاثَةَ، فَلَكَ الْأَلْفُ، فَقَالَ: رَدَدْتُهُمْ وَقَالَ: مَا رَدَدْتَ إِلَّا وَاحِدًا.
وَأَمَّا فِي حَالِ الِانْفِصَالِ، فَيُحْكَمُ بِوُقُوعِ الثَّلَاثِ بِإِقْرَارِهِ وَعَلَيْهَا ثُلُثُ الْأَلْفِ، وَلَا مَعْنَى لِلتَّحَالُفِ؛ لِأَنَّ التَّحَالُفَ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ فِي صِفَةِ الْعَقْدِ أَوِ الْعِوَضِ، [وَهُمَا] هُنَا مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّ الْمَسْئُولَ ثَلَاثٌ، وَأَنَّ الْعِوَضَ أَلْفٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute