وَلَا سُنَّةَ؛ إِذْ لَيْسَ فِيهِ تَطْوِيلُ عِدَّةٍ، وَلَا نَدَمٌ بِسَبَبِ وَلَدٍ. فَلَوْ كَانَتِ الْحَامِلُ تَرَى الدَّمَ وَقُلْنَا: هُوَ حَيْضٌ، فَطَلَّقَهَا فِيهِ، لَمْ يَحْرُمْ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: يَحْرُمُ. وَقَدِ اشْتُهِرَ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْأَرْبَعَ الْمَذْكُورَاتِ لَا بِدْعَةَ فِي طَلَاقِهِنَّ، وَلَا سُنَّةَ، وَذَلِكَ لِلْعِبَارَاتِ السَّابِقَةِ فِي تَفْسِيرِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ.
وَرُبَّمَا أَفْهَمَ كَلَامُهُمْ، أَنَّهُمْ يَعْنُونَ بِذَلِكَ أَنَّهُنَّ لَا يَجْتَمِعُ لَهُنَّ حَالَتَا سُنَّةٍ وَبِدْعَةٍ، بَلْ لَا يَكُونُ طَلَاقُهُنَّ إِلَّا سُنِّيًّا، وَهَذَا يَسْتَمِرُّ عَلَى تَفْسِيرِ السُّنِّيِّ بِالْجَائِزِ، وَالْبِدْعِيِّ بِالْمُحَرَّمِ، وَقَدْ يُغْنِي عَنِ التَّفَاسِيرِ الطَّوِيلَةِ.
فَرْعٌ
نَكَحَ حَامِلًا مِنَ الزِّنَى وَوَطِئَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا، قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ وَغَيْرُهُ: يَكُونُ الطَّلَاقُ بِدْعِيًّا، لِأَنَّ الْعِدَّةَ تَكُونُ بَعْدَ وَضْعِ الْحَمْلِ وَانْقِضَاءِ النِّفَاسِ. وَلَوْ وُطِئَتْ مَنْكُوحَةٌ بِشُبْهَةٍ فَحَبِلَتْ، فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَهِيَ طَاهِرٌ، فَهُوَ حَرَامٌ لِأَنَّهَا لَا تَشْرَعُ عَقِبَهُ فِي الْعِدَّةِ، وَكَذَا لَوْ لَمْ تَحْبَلْ، فَشَرَعَتْ فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ فَطَلَّقَهَا، وَقَدَّمْنَا عِدَّةَ الشُّبْهَةِ. وَقِيلَ: لَا يَحْرُمُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إِضْرَارٌ.
وَرَجَّحَ الْمُتَوَلِّي التَّحْرِيمَ، إِذَا حَبِلَتْ، وَعَدَمَهُ إِذَا لَمْ تَحْبَلْ، وَالْأَصَحُّ، التَّحْرِيمُ مُطْلَقًا.
طَلَّقَهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ ثُمَّ رَاجَعَهَا، فَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا، وَحَكَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَجْهًا ضَعِيفًا: أَنَّهُ يَحْرُمُ طَلَاقُهَا كَيْلَا تَكُونَ الرَّجْعَةُ لِلطَّلَاقِ، وَهَذَا سَبَبٌ ثَالِثٌ لِلطَّلَاقِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute