فِي الْحَالَةِ الْأُخْرَى، وَقَعَتِ الثَّالِثَةُ، لِأَنَّ التَّبْعِيضَ يَقْتَضِي التَّشْطِيرَ، ثُمَّ يَسْرِي كَمَا لَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ بَعْضُهَا لِزَيْدٍ وَبَعْضُهَا لِعَمْرٍو، يُحْمَلُ عَلَى التَّشْطِيرِ إِذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ. وَقِيلَ: تَقَعُ فِي الْحَالِ طَلْقَةٌ، وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ وَمَنْ قَالَ بِهِ لَا يَكَادُ يُسَلِّمُ مَسْأَلَةَ الْإِقْرَارِ، وَيَقُولُ: هُوَ مُجْمَلٌ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِيهِ. وَنَقَلَ الْحَنَّاطِيُّ وَجْهًا ثَالِثًا أَنَّهُ يَقَعُ فِي الْحَالِ الثَّلَاثُ. أَمَّا إِذَا قَالَ: أَرَدْتُ إِيقَاعَ بَعْضٍ مِنْ كُلِّ طَلْقَةٍ فِي الْحَالِ، فَتَقَعُ الثَّلَاثُ فِي الْحَالِ، وَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ فِي الْحَالِ طَلْقَتَيْنِ أَوْ طَلْقَةً وَنِصْفًا، وَقَعَ طَلْقَتَانِ فِي الْحَالِ قَطْعًا، وَتَقَعُ الثَّالِثَةُ فِي الْحَالَةِ الْأُخْرَى. وَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ فِي الْحَالِ طَلْقَةً، وَفِي الْمُسْتَقْبَلِ طَلْقَتَيْنِ، دُيِّنَ فِيهِ قَطْعًا، وَتُقْبَلُ أَيْضًا فِي الظَّاهِرِ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: لَا تُقْبَلُ.
وَفَائِدَةُ هَذَا الْخِلَافِ، أَنَّهُ لَوْ نَدِمَ فَأَرَادَ أَنْ يُخَالِعَهَا حَتَّى تَصِيرَ إِلَى الْحَالَةِ الْأُخْرَى وَهِيَ بَائِنٌ، فَتَنْحَلَّ الْيَمِينُ، ثُمَّ يَتَزَوَّجَهَا. وَقُلْنَا: الْخُلْعُ طَلَاقٌ، فَإِنْ قُلْنَا: الْوَاقِعُ فِي الْحَالِ طَلْقَةٌ، أَمْكَنَهُ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا.
وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَكَانَتْ فِي حَالِ السُّنَّةِ، قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: تَجِيءُ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ، أَنَّهُ لَا يَقَعُ فِي الْحَالِ إِلَّا طَلْقَةٌ، لِأَنَّ الْبَعْضَ لَيْسَ عِبَارَةً عَنِ النِّصْفِ، وَإِنَّمَا حَمَلْنَاهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى عَلَى التَّشْطِيرِ لِإِضَافَتِهِ الْبَعْضَيْنِ فِي الْحَالَيْنِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ خَمْسًا، بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ، وَبَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ، وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا، بَنَى عَلَى الْخِلَافِ الْمَعْرُوفِ، فِي أَنَّ الزِّيَادَةَ الْمَلْفُوظَ بِهَا تُلْغَى أَمْ تُعْتَبَرُ؟ إِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ، وَقَعَ فِي الْحَالِ طَلْقَتَانِ، وَفِي الثَّانِي، طَلْقَةٌ تَفْرِيعًا عَلَى الْمَنْصُوصِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَقَعَ الثَّلَاثُ فِي الْحَالِ بِالتَّشْطِيرِ وَالتَّكْمِيلِ.
وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ: طَلْقَةٌ لِلسُّنَّةِ وَطَلْقَةٌ لِلْبِدْعَةِ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً لِلسُّنَّةِ وَطَلْقَةً لِلْبِدْعَةِ، وَقَعَ فِي الْحَالِ طَلْقَةٌ، وَفِي الِاسْتِقْبَالِ الْأُخْرَى. وَلَوْ قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute