وَقِيلَ: عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ فَقَطْ، وَإِنْ أَطْلَقَ، فَقَوْلَانِ.
فَرْعٌ
قَالَ: أَنْتِ حَرَامٌ وَلَمْ يَقُلْ: عَلَيَّ، قَالَ الْبَغَوِيُّ: هُوَ كِنَايَةٌ بِلَا خِلَافٍ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ، وَالدَّمِ، وَالْخَمْرِ، أَوِ الْخِنْزِيرِ وَقَالَ: أَرَدْتُ الطَّلَاقَ، أَوِ الظِّهَارَ نَفَذَ، وَإِنْ نَوَى التَّحْرِيمَ، لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ. وَإِنْ أَطْلَقَ، فَظَاهِرُ النَّصِّ أَنَّهُ كَالْحَرَامِ فَيَكُونُ عَلَى الْخِلَافِ. وَعَلَى هَذَا جَرَى الْإِمَامُ، وَالَّذِي ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، قَالَ الْحَنَّاطِيُّ: الْخِلَافُ هُنَا مُرَتَّبٌ عَلَى لَفْظِ الْحَرَامِ، وَهُنَا أَوْلَى بِأَنْ لَا يَكُونَ صَرِيحًا، وَحَكَى قَوْلًا شَاذًّا أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ وَإِنْ نَوَى التَّحْرِيمَ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: وَلَوْ قَالَ أَرَدْتُ أَنَّهَا حَرَامٌ عَلَيَّ، فَإِنْ جَعَلْنَاهُ صَرِيحًا، وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْكِنَايَةِ كِنَايَةٌ، وَتَبِعَهُ عَلَى هَذَا جَمَاعَةٌ، وَلَا يَكَادُ يَتَحَقَّقُ هَذَا التَّصْوِيرُ، وَلَوْ قَالَ: أَرَدْتُ أَنَّهَا كَالْمَيْتَةِ فِي الِاسْتِقْذَارِ، صُدِّقَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْبُوشَنْجِيُّ: إِنَّمَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِقَوْلِهِ: أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ إِذَا نَوَى حَقِيقَةَ الطَّلَاقِ، وَقَصَدَ إِيقَاعَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَنْوِ كَذَلِكَ، فَلَا يَقَعُ وَإِنِ اعْتَقَدَ قَوْلَهُ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ مُوقِعًا، وَظَنَّ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ طَلَاقُهُ.
قَالَ: مَتَى قُلْتُ لِامْرَأَتِي: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، فَإِنِّي أُرِيدُ بِهِ الطَّلَاقَ ثُمَّ قَالَ لَهَا بَعْدَ مُدَّةٍ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى الطَّلَاقِ، أَمْ يَكُونُ كَمَا لَوِ ابْتَدَأَ بِهِ؟ وَجْهَانِ خَرَّجَهُمَا أَبُو الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيُّ.
قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا الثَّانِي. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute