فَرْعٌ
قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ لَا، بِإِسْكَانِ الْوَاوِ، لَا يَقَعُ شَيْءٌ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: كَمَا لَوْ قَالَ: هَلْ أَنْتِ طَالِقٌ؟ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَوَّلًا بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَهُوَ يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ، طُلِّقَتْ.
الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْأَفْعَالِ الْقَائِمَةِ مَقَامَ اللَّفْظِ:
الْإِشَارَةُ وَالْكُتُبُ يَدُلَّانِ عَلَى الطَّلَاقِ، فَأَمَّا الْإِشَارَةُ، فَمُعْتَبَرَةٌ مِنَ الْأَخْرَسِ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَتَقُومُ إِشَارَتُهُ مَقَامَ عِبَارَةِ النَّاطِقِ فِي جَمِيعِ الْعُقُودِ وَالْحُلُولِ وَالْأَقَارِيرِ وَالدَّعَاوَى، لَكِنْ فِي شَهَادَتِهِ خِلَافٌ. وَإِذَا أَشَارَ فِي صَلَاتِهِ بِطَلَاقٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، صَحَّ الْعَقْدُ قَطْعًا وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ، ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ أَدَارَ الْحُكْمَ عَلَى إِشَارَتِهِ الْمَفْهُومَةِ، وَأَوْقَعَ الطَّلَاقَ بِهَا، نَوَى أَمْ لَمْ يَنْوِ، وَكَذَا فَصَلَ الْبَغَوِيُّ.
وَقَالَ الْإِمَامُ وَآخَرُونَ: إِشَارَتُهُ مُنْقَسِمَةٌ إِلَى صَرِيحَةٍ مُغْنِيَةٍ عَنِ النِّيَّةِ، وَهِيَ الَّتِي يَفْهَمُ مِنْهَا الطَّلَاقَ كُلُّ وَاقِفٍ عَلَيْهَا، وَإِلَى كِنَايَةٍ مُفْتَقِرَةٍ إِلَى النِّيَّةِ، وَهِيَ الَّتِي يَفْهَمُ الطَّلَاقَ بِهَا الْمَخْصُوصُ بِالْفِطْنَةِ وَالذَّكَاءِ. وَلَوْ بَالَغَ فِي الْإِشَارَةِ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدِ الطَّلَاقَ وَأَفْهَمَ هَذِهِ الدَّعْوَى. قَالَ الْإِمَامُ: هُوَ كَمَا لَوْ فَسَّرَ اللَّفْظَةَ الشَّائِعَةَ فِي الطَّلَاقِ بِغَيْرِهِ.
سَوَاءٌ فِي اعْتِبَارِ إِشَارَةِ الْأَخْرَسِ، قَدَرَ عَلَى الْكِتَابَةِ أَمْ لَا، هَكَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَيُوَافِقُهُ إِطْلَاقُ الْجُمْهُورِ. وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: إِنَّمَا تُعْتَبَرُ إِشَارَتُهُ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute