فَرْعٌ
ذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ الْبُوشَنْجِيُّ أَنَّهُ إِذَا قَالَ: اخْتَارِي نَفْسَكِ، أَوْ طَلِّقِي نَفْسَكِ، فَقَالَتْ: أَخْتَارُ أَوْ أُطَلِّقُ، فَمُطَلَّقَةٌ لِلِاسْتِقْبَالِ، فَلَا يَقَعُ فِي الْحَالِ شَيْءٌ. فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ الْإِنْشَاءَ، وَقَعَ فِي الْحَالِ.
قُلْتُ: هَذَا كَمَا قَالَ، وَلَا يُخَالِفُ هَذَا قَوْلَ النَّحْوِيِّينَ، أَنَّ الْفِعْلَ الْمُضَارِعَ إِذَا تَجَرَّدَ، فَالْحَالُ أَوْلَى بِهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي الْحَالِ، وَعَارَضَهُ أَصْلُ بَقَاءِ النِّكَاحِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ الْبُوشَنْجِيُّ أَنَّهُ لَوْ خَيَّرَهَا وَهِيَ لَا تَعْلَمُ، فَاخْتَارَتِ اتِّفَاقًا، خَرَجَ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ عَلَى أَنَّهُ حَيٌّ فَكَانَ مَيِّتًا، وَالطَّلَاقُ أَوْلَى بِالنُّفُوذِ.
وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: أَمْرُ امْرَأَتِي بِيَدِ اللَّهِ تَعَالَى وَبِيَدِكَ، يُسْأَلُ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ أَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِالطَّلَاقِ، قُبِلَ قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَ، وَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ أَنَّ الْأُمُورَ كُلَّهَا بِيَدِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالَّذِي أَثْبَتَهُ اللَّهُ لِي جَعَلْتُهُ فِي يَدِكَ، قُبِلَ وَاسْتَقَلَّ ذَلِكَ الرَّجُلُ. وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: كُلُّ أَمْرٍ لِي عَلَيْكِ قَدْ جَعَلْتُهُ بِيَدِكِ، فَعِنْدِي أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِتَفْوِيضٍ صَرِيحٍ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا ثَلَاثًا مَا لَمْ يَنْوِ هُوَ الثَّلَاثَ. وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا: اخْتَارِي الْيَوْمَ وَغَدًا وَبَعْدَ غَدٍ، فَالْمُضَافُ إِلَى الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ، فِي أَنَّ التَّفْوِيضَ عَلَيْكَ أَمْ تَوْكِيلٌ؟ إِنْ قُلْنَا: تَمْلِيكٌ، لَمْ يَحْتَمِلِ التَّرَاخِيَ كَالْبَيْعِ، وَإِلَّا فَهُوَ كَتَوْكِيلِهِ بِالْبَيْعِ الْيَوْمَ وَغَدًا وَبَعْدَ غَدٍ، فَعَلَى هَذَا، لَهُ الرَّدُّ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ دُونَ بَعْضٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute