أَوِ اسْمُكِ طَالِقٌ، لَمْ تُطَلَّقْ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: إِلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالِاسْمِ ذَاتَهَا وَوُجُودَهَا، فَتُطَلَّقُ. وَلَوْ قَالَ: رُوحُكِ طَالِقٌ، طُلِّقَتْ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَحَكَى أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ فِيهِ خِلَافًا مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ الرُّوحَ جِسْمٌ أَوْ عَرَضٌ. وَلَوْ قَالَ: حَيَاتُكِ طَالِقٌ، فَقَالَ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: تُطَلَّقُ. وَقَالَ الْبَغَوِيُّ: إِنْ أَرَادَ الرُّوحَ، طُلِّقَتْ، وَهَذَا فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ
[إِنْ] أَرَادَ الْمَعْنَى الْقَائِمَ بِالْحَيِّ، لَا تُطَلَّقُ كَسَائِرِ الْمَعَانِي، وَبِهَذَا قَطَعَ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ عَدَمَ الْوُقُوعِ.
فَرْعٌ
إِذَا أَضَافَ الطَّلَاقَ إِلَى جُزْءٍ أَوْ عُضْوٍ مُعَيَّنٍ، فَفِي كَيْفِيَّةِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يَقَعُ عَلَى الْمُضَافِ إِلَيْهِ، ثُمَّ يَسْرِي إِلَى بَاقِي الْبَدَنِ، كَمَا يَسْرِي الْعِتْقُ. وَالثَّانِي: يَجْعَلُ الْمُضَافَ إِلَيْهِ عِبَارَةً عَنِ الْجُمْلَةِ، لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ الطَّلَاقُ فِي الْمُضَافِ إِلَيْهِ وَحْدَهُ، بِخِلَافِ الْعِتْقِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ، جَعَلَ ذَلِكَ عِبَارَةً عَنْ طَلْقَةٍ. وَلَا يُقَالُ: يَقَعُ نِصْفُ طَلْقَةٍ ثُمَّ يَسْرِي، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ هُوَ الْأَصَحَّ.
وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي صُوَرٍ.
مِنْهَا: إِذَا قَالَ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَيَمِينُكِ طَالِقٌ، فَقَطَعَتْ يَمِينَهَا، ثُمَّ دَخَلَتْ، إِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي، طُلِّقَتْ، وَإِلَّا، فَلَا.
وَلَوْ قَالَ لِمَنْ لَا يَمِينَ لَهَا: يَمِينُكِ طَالِقٌ، فَطَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا: التَّخْرِيجُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ. وَأَصَحُّهُمَا: الْقَطْعُ بِعَدَمِ الطَّلَاقِ. وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ، وَالْإِمَامُ، لِأَنَّهُ وَإِنْ جَعَلَ الْبَعْضَ عِبَارَةً عَنِ الْكُلِّ، فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ لِتَنْتَظِمَ الْإِضَافَةُ. فَإِذَا لَمْ يَكُنْ، لَغَتِ الْإِضَافَةُ، كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا: لِحْيَتُكِ أَوْ ذَكَرُكِ طَالِقٌ. قَالَ الْإِمَامُ: وَهَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute