مَا لَمْ تَنَقَضِ عِدَّتُهَا، أَمْ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ، أَمْ أَبَدًا؟ فِيهِ أَقْوَالٌ. فَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ سَقَطَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ، وَجَرَى الْآخَرَانِ.
وَلَوْ أَبَانَ فِي مَرَضِهِ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ، وَنَكَحَ أَرْبَعًا، ثُمَّ مَاتَ، فَهَلْ يَكُونُ الْإِرْثُ لِلْأُولَيَّاتِ لِسَبْقِهِنَّ، أَمْ لِلْأُخْرَيَاتِ لِأَنَّ هُنَّ الزَّوْجَاتُ، أَمْ يَشْتَرِكُ الثَّمَانِ؟ فِيهِ أَوْجُهُ. أَصَحُّهَا: الثَّالِثُ. وَقَالَ الْإِمَامُ: وَسَبَبُ الْخِلَافِ مَا فِي تَوْرِيثِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ مِنْ الِاسْتِبْعَادِ. فَلَوْ أَبَانَ امْرَأَتَهُ وَنَكَحَ أُخْرَى، فَلَا وَجْهَ إِلَّا تَوْرِيثَهُمَا. وَلَوْ أَبَانَ وَاحِدَةً وَنَكَحَ أَرْبَعًا أَوْ بِالْعَكْسِ، جَرَى الْخِلَافُ، وَإِنَّمَا تَرِثُ الْمَبْتُوتَةُ عَلَى الْقَدِيمِ إِذَا طَلَّقَهَا لَا بِسُؤَالِهَا، فَإِنْ طَلَّقَهَا بِسُؤَالِهَا، أَوِ اخْتَلَعَتْ، أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شِئْتِ، فَشَاءَتْ، لَمْ تَرِثْ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: تَرِثُ وَإِنْ طَلَّقَ بِسُؤَالِهَا. وَلَوْ سَأَلَتْهُ فَلَمْ تُطَلَّقْ فِي الْحَالِ، ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ سَأَلَتْهُ رَجْعِيًّا فَأَبَانَهَا، وَرِثَتْ لِأَنَّهُ فَارٌّ.
وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا فِي الْمَرَضِ بِمُضِيِّ مُدَّةٍ، أَوْ فِعْلِ نَفْسِهِ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ، فَهُوَ فَارٌّ وَفِي الْأَجْنَبِيِّ وَجْهٌ.
وَإِنْ عَلَّقَ بِفِعْلِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِنْهُ بُدٌّ، كَالنَّوْمِ وَالْقِيَامِ وَالْقُعُودِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالطَّهَارَةِ، وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ الْمَفْرُوضَيْنِ، فَفَارٌّ.
قُلْتُ: وَهَذَا فِي الْأَكْلِ الَّذِي يُحْتَاجُ إِلَيْهِ. فَإِنْ أَكَلَتْ مُتَلَذِّذَةً، أَكْلًا يَضُرُّهَا فَلَيْسَ بِفَارٍّ. قَالَهُ الْإِمَامُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِنْ كَانَ لَهَا مِنْهُ بُدٌّ، فَفَارٌّ إِنْ لَمْ تَعْلَمِ التَّعْلِيقَ، وَإِلَّا فَلَا. وَلَوْ عَلِمَتْ ثُمَّ نَسِيَتْ، فَفِيهِ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ، وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ فَارٌّ.
وَإِنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا فِي الصِّحَّةِ بِصِفَةٍ لَا تُوجَدُ إِلَّا فِي الْمَرَضِ كَقَوْلِهِ: إِذَا مَرِضْتُ مَرَضَ الْمَوْتِ، أَوْ وَقَعْتُ فِي النَّزْعِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَفَارٌّ: وَإِنِ احْتَمَلَ وَجُودَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute