طَالِقٌ طَلْقَةً، قَبْلَهَا طَلْقَةٌ وَبَعْدَهَا طَلْقَةٌ، طُلِّقَتْ ثَلَاثًا. وَلَوْ قَالَ: قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا طَلْقَةٌ، وَقَعَ الثَّلَاثُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: طَلْقَتَانِ، وَيَلْغُو قَوْلُهُ: قَبْلَهَا.
وَلَوْ خَاطَبَ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا بِأَحَدِ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ، فَهَلْ يَقَعُ وَاحِدَةٌ أَمْ لَا يَقَعُ شَيْءٌ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ. وَمَتَى قَالَ: أَرَدْتُ بِقَوْلِي: بَعْدَهَا طَلْقَةٌ، أَيْ سَأُطَلِّقُهَا بَعْدَ هَذَا طَلْقَةً، لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا وَيُدَيَّنُ، وَلَوْ قَالَ: أَرَدْتُ بِقَوْلِي: قَبْلَهَا أَنَّ زَوْجًا آخَرَ طَلَّقَهَا فِي نِكَاحٍ آخَرَ، فَعَلَى مَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فِيمَا إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي الشَّهْرِ الْمَاضِي، وَفُسِّرَ بِهَذَا.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ، وَقَعَ طَلْقَتَانِ عَلَى التَّرْتِيبِ.
وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، فَالصَّحِيحُ وُقُوعُ ثَلَاثٍ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْ قَوْلِهِ: ثَلَاثًا. وَقِيلَ: ثِنْتَيْنِ بِالْفَرَاغِ
[مِنْ] وُقُوعِ الثَّلَاثِ بِقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ. قَالَ الْإِمَامُ: وَقِيَاسُ مَنْ قَالَ: يَقَعُ طَلْقَةٌ، إِذَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، فَمَاتَتْ قَبْلَ قَوْلِهِ: ثَلَاثًا: أَنْ يَقَعَ هُنَا طَلْقَةٌ بِقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ، وَيَتِمُّ الثَّلَاثُ بِقَوْلِهِ: ثَلَاثًا، لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ، لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَقَعَ الثَّلَاثُ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَا تَقَعُ مُرَتَّبَةً.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ خَمْسًا، أَوْ قَالَ: إِحْدَى عَشْرَةَ، وَقَعَ الثَّلَاثُ، وَلَوْ قَالَ لَهَا: وَاحِدَةً وَمِائَةً، لَمْ يَقَعْ إِلَّا وَاحِدَةٌ. وَلَوْ قَالَ: إِحْدَى وَعِشْرِينَ، فَهَلْ يَقَعُ الثَّلَاثُ أَمْ وَاحِدَةٌ؟ وَجْهَانِ لِتَرَدُّدِهَا بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ، أَنَّهُ تَقَعُ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ كَقَوْلِهِ: وَاحِدَةٌ وَمِائَةٌ، بِخِلَافِ إِحْدَى عَشْرَةَ، فَإِنَّهُ مُرَكَّبٌ فَهُوَ بِمَعْنَى الْمُفْرَدِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute