كُلُّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثًا. وَإِنْ قَالَ: أَوْقَعْتُ بَيْنَكُنَّ طَلْقَةً، طُلِّقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةً. فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ بَعْضَهُنَّ دُونَ بَعْضٍ، دُيِّنَ وَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ. قَالَ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا: الْوَجْهَانِ مَخْصُوصَانِ بِقَوْلِهِ: أَوْقَعْتُ بَيْنَكُنَّ. أَمَّا قَوْلُهُ: عَلَيْكُنَّ، فَلَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ هَذَا قَطْعًا، بَلْ يَعُمُّهُنَّ الطَّلَاقُ.
وَاعْلَمْ أَنَّا قَدَّمْنَا فِي قَوْلِهِ: نِسَائِي طَوَالِقُ عَنِ ابْنِ الْوَكِيلِ وَغَيْرِهِ، أَنَّهُ يُقْبَلُ تَخْصِيصُهُ بَعْضَهُنَّ، وَذَلِكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ هُنَا لَا مَحَالَةَ، فَكَانَ قَوْلُ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ تَفْرِيعًا عَلَى الصَّحِيحِ هُنَاكَ. وَإِذَا قُلْنَا: لَا يُقْبَلُ فِي قَوْلِهِ: بَيْنَكُنَّ، فَذَلِكَ إِذَا أَخْرَجَ بَعْضَهُنَّ عَنِ الطَّلَاقِ، وَعَطَّلَ بَعْضَ الطَّلَاقِ، فَأَمَّا إِذَا فَضَّلَ بَعْضَهُنَّ كَقَوْلِهِ: أَوْقَعْتُ بَيْنَكُنَّ ثَلَاثَ طَلَقَاتٍ، ثُمَّ قَالَ: أَرَدْتُ طَلْقَتَيْنِ عَلَى هَذِهِ، وَتَوْزِيعَ الثَّالِثَةِ عَلَى الْبَاقِيَاتِ، فَيُقْبَلُ عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ، وَبِهِ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ. وَالثَّانِي حَكَاهُ ابْنُ الْقَطَّانِ: يُشْتَرَطُ اسْتِوَاؤُهُنَّ، وَحُكِيَ وَجْهٌ، أَنَّهُ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ وَإِنْ تَعَطَّلَ بَعْضُ الطَّلَاقِ حَتَّى لَوْ قَالَ: أَوْقَعْتُ بَيْنَكُنَّ أَرْبَعَ طَلَقَاتٍ، ثُمَّ خَصَّصَهَا بِامْرَأَةٍ قُبِلَ، وَهَذَا ضَعِيفٌ. وَحَيْثُ قُلْنَا: لَا يُقْبَلُ، فَذَلِكَ فِي نَفْيِ الطَّلَاقِ عَمَّنْ نَفَاهُ عَنْهَا أَمَّا إِثْبَاتُهُ عَلَى مَنْ أَثْبَتَهُ عَلَيْهَا، فَيَثْبُتُ قَطْعًا مُؤَاخَذَةً لَهُ.
وَلَوْ قَالَ: أَوْقَعْتُ بَيْنَكُنَّ خَمْسَ طَلَقَاتٍ، لِبَعْضِكُنَّ أَكْثَرُ مِمَّا لِبَعْضٍ، فَيُصَدَّقُ فِي التَّفْصِيلِ بِلَا خِلَافٍ، وَفِي تَصْدِيقِهِ فِي إِخْرَاجِ بِعْضِهِنَّ الْخِلَافُ.
وَلَوْ قَالَ: أَوْقَعْتُ عَلَيْكُنَّ نِصْفَ طَلْقَةٍ، أَوْ ثُلُثَهَا، وَقَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةٌ. وَلَوْ قَالَ: أَوْقَعْتُ بَيْنَكُنَّ ثُلُثَ طَلْقَةٍ، وَخُمُسَ طَلْقَةٍ، وَسُدُسَ طَلْقَةٍ، بُنِيَ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِيمَا إِذَا خَاطَبَ بِهِ وَاحِدَةً. فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَقَعُ بِهِ إِلَّا وَاحِدَةٌ، فَكَذَا هُنَا، فَتُطَلَّقُ كُلُّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةً، وَإِنْ قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ: وَهُوَ وُقُوعُ الثَّلَاثِ، طُلِّقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثًا، لِأَنَّ تَغَايُرَ الْأَجْزَاءِ وَعَطْفَهَا، يُشْعِرُ بِقِسْمَةِ كُلِّ جُزْءٍ بَيْنَهُنَّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute