فَرْعٌ
قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ عَشْرًا، فَقَالَتْ: تَكْفِينِي ثَلَاثٌ، فَقَالَ: الْبَاقِي لِضَرَّتِكِ، لَا يَقَعُ عَلَى الضَّرَّةِ شَيْءٌ، لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثِ لَغْوٌ. وَلَوْ قَالَتْ: تَكْفِينِي وَاحِدَةٌ فَقَالَ: الْبَاقِي لِضَرَّتِكِ، وَقَعَ عَلَيْهَا ثَلَاثٌ، وَعَلَى الضَّرَّةِ طَلْقَتَانِ إِذَا نَوَى، ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ، وَلَوْ طَلَّقَ إِحْدَى امْرَأَتَيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ لِلثَّانِيَةِ: أَشْرَكْتُكِ مَعَهَا، قَالَ الشَّاشِيُّ: يَقَعُ عَلَى الثَّانِيَةِ طَلْقَةٌ، وَتَرَدَّدَ الْبُوشَنْجِيُّ فِي طَلْقَةٍ أَمْ ثَلَاثٍ.
الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ
الِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحٌ مَعْهُودٌ، وَفِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ مَوْجُودٌ، فَإِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا اثْنَتَيْنِ، طُلِّقَتْ طَلْقَةً. وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ شَيْئَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِاللَّفْظِ، فَإِنِ انْفَصَلَ، فَهُوَ لَغْوٌ، وَسَكْتَةُ التَّنَفُّسِ وَالْعِيِّ لَا تَمْنَعُ الِاتِّصَالَ. قَالَ الْإِمَامُ: وَالِاتِّصَالُ الْمَشْرُوطُ هُنَا أَبْلَغُ مِمَّا يُشْتَرَطُ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ بَيْنَ كَلَامِ الشَّخْصَيْنِ مَا لَا يَحْتَمِلُ بَيْنَ كَلَامِ شَخْصٍ وَاحِدٍ، وَلِذَلِكَ لَا يَنْقَطِعُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ بِتَخَلُّلِ كَلَامٍ يَسِيرٍ عَلَى الْأَصَحِّ، وَيَنْقَطِعُ الِاسْتِثْنَاءُ بِذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ. وَهَلْ يُشْتَرَطُ اقْتِرَانُ الِاسْتِثْنَاءِ بِأَوَّلِ اللَّفْظِ؟ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا، بَلْ لَوْ بَدَا لَهُ الِاسْتِثْنَاءُ بَعْدَ تَمَامِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَاسْتَثْنَى، حُكِمَ بِصِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ هَذَا الْوَجْهَ عَنِ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَصَحُّهُمَا وَادَّعَى أَبُو بَكْرٍ الْفَارِسِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ: أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِالِاسْتِثْنَاءِ حَتَّى يَتَّصِلَ بِأَوَّلِ الْكَلَامِ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ، وَجْهٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ صِحَّةُ الِاسْتِثْنَاءِ بِشَرْطِ وُجُودِ النِّيَّةِ قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ وَإِنْ لَمْ يُقَارِنْ أَوَّلَهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute