فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ، وَتَكُونُ عِدَّتُهَا مِنَ الْوَقْتِ الَّذِي ذَكَرَهُ إِنْ صَدَّقَتْهُ، وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي أَنَّهُ كَانَ يُخَالِطُهَا أَمْ لَا؟ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ، فَالْعِدَّةُ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ. وَعَنِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ: أَنَّهَا إِنْ صَدَّقَتْهُ، قُبِلَ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي أَنَّهُ أَنْشَأَ الطَّلَاقَ، وَحِينَئِذٍ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِطَلَاقَيْنِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ.
الْحَالُ الرَّابِعُ: قَالَ: أَرَدْتُ أَنِّي طَلَّقْتُهَا فِي الشَّهْرِ الْمَاضِي وَبَانَتْ، ثُمَّ جَدَّدْتُ نِكَاحَهَا، أَوْ أَنَّ زَوْجًا آخَرَ طَلَّقَهَا فِي نِكَاحٍ سَابِقٍ، قَالَ الْأَصْحَابُ: يُنْظَرُ، إِنْ عُرِفَ نِكَاحٌ سَابِقٌ، فَطَلَاقٌ فِيهِ، أَوْ أَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً وَصَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ فِي إِرَادَتِهِ، فَذَاكَ، وَإِنْ كَذَّبَتْهُ وَقَالَتْ: إِنَّمَا أَرَدْتُ إِنْشَاءَ طَلَاقٍ الْآنَ، حَلَفَ.
وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ نِكَاحٌ سَابِقٌ، وَطَلَاقٌ فِي ذَلِكَ النِّكَاحِ، وَكَانَ مُحْتَمَلًا، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ التَّفْسِيرُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً، وَإِلَّا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ ابْتِدَاءًا: طَلَّقَكِ فِي الشَّهْرِ الْمَاضِي زَوْجٌ غَيْرِي، لَا يُحْكَمُ بِالطَّلَاقِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَذَبَ.
الْحَالُ الْخَامِسُ: أَنْ يَقُولَ: لَمْ أُرِدْ شَيْئًا أَوْ مَاتَ وَلَمْ يُفَسِّرْ، أَوْ جُنَّ، أَوْ خَرِسَ وَهُوَ عَاجِزٌ عَنِ التَّفْهِيمِ بِالْإِشَارَةِ، فَالصَّحِيحُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلشَّهْرِ الْمَاضِي، فَفِي «الْمُجَرَّدِ» لِلْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ: أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ بِلَا خِلَافٍ، كَمَا لَوْ قَالَ: لِرِضَى فُلَانٍ، لَكِنَّ الْكَلَامَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ يُسْتَعْمَلُ لِلتَّارِيخِ، وَاللَّفْظُ مُحْتَمِلٌ لِلْمَعَانِي الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ.
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: قَالَ: إِذَا مَاتَ أَوْ إِذَا قَدِمَ فُلَانٌ، فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ، أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أَضْرِبَكِ بِشَهْرٍ، نُظِرَ إِنْ مَاتَ فُلَانٌ أَوْ قَدِمَ، أَوْ ضَرَبَهَا قَبْلَ مُضِيِّ شَهْرٍ مِنْ وَقْتِ التَّعْلِيقِ، لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ. وَقِيلَ: يَقَعُ عِنْدَ الضَّرْبِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ. حَتَّى لَوْ ضَرَبَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدْ مَضَى شَهْرٌ أَوْ أَكْثَرُ، لَمْ تُطَلَّقْ، وَلِلْإِمَامِ احْتِمَالُ أَنَّهُ لَا تَنْحَلُّ لِكَوْنِ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ لَيْسَ هُوَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ.
وَإِنْ مَاتَ أَوْ قَدِمَ أَوْ ضَرَبَ بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرٍ مِنْ وَقْتِ التَّعْلِيقِ، تَبَيَّنَّا وُقُوعَ الطَّلَاقِ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ، وَتُحْسَبُ الْعِدَّةُ مِنْ يَوْمَئِذٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute