قُلْتُ: الْأَصَحُّ لَا تُطَلَّقُ، وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ «التَّنْبِيهِ» وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِالتَّعْلِيقِ بِمُحَالٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ السَّاعَةَ إِذَا دَخَلْتِ الدَّارَ، قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ: هُوَ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إِذَا جَاءَ الْغَدُ.
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: إِذَا قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، فِي كُلِّ سَنَةٍ طَلْقَةٌ، وَقَعَ فِي الْحَالِ طَلْقَةٌ، ثُمَّ إِنْ أَرَادَ السِّنِينَ الْعَرَبِيَّةَ، وَقَعَتْ أُخْرَى فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ الْمُسْتَقْبَلِ، وَأُخْرَى فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ الَّذِي بَعْدَهُ. وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ بَيْنَ كُلِّ طَلْقَتَيْنِ سَنَةً، وَقَعَتِ الثَّانِيَةُ عِنْدَ انْقِضَاءِهِ سَنَةً كَامِلَةً مِنْ وَقْتِ التَّعْلِيقِ، وَالثَّالِثَةُ بَعْدَ انْقِضَاءِ سَنَةٍ كَامِلَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ، وَهَذَا مَفْرُوضٌ فِيمَا إِذَا امْتَدَّتِ الْعِدَّةُ أَوْ رَاجَعَهَا، فَلَوْ بَانَتْ وَجَدَّدَ نِكَاحَهَا وَهَذِهِ الْمُدَّةُ بَاقِيَةٌ، فَفِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ قَوْلَا عَوْدِ الْحِنْثِ فَإِنْ قُلْنَا: يَعُودُ وَكَانَ التَّجْدِيدُ فِي خِلَالِ السَّنَةِ، تُطَلَّقُ فِي الْحَالِ، وَإِنْ أَطْلَقَ السِّنِينَ، فَهَلْ يَنْزِلُ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ أَمْ عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي؟ فِيهِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ فِي كُلِّ يَوْمٍ طَلْقَةٌ، فَإِنْ قَالَهَا بِالنَّهَارِ، وَقَعَ فِي الْحَالِ طَلْقَةٌ، وَبِطُلُوعِ الْفَجْرِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أُخْرَى، وَبِطُلُوعِهِ فِي الثَّالِثِ أُخْرَى. فَلَوْ قَالَ: أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ كُلِّ طَلْقَتَيْنِ يَوْمٌ دُيِّنَ، وَفِي قَبُولِهِ ظَاهِرًا وَجْهَانِ، أَقْيَسُهُمَا: الْقَبُولُ، وَإِنْ قَالَهُ بِاللَّيْلِ، وَقَعَ ثَلَاثُ طَلَقَاتٍ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ التَّالِيَةِ لِلتَّعْلِيقِ.
[الْمَسْأَلَةُ] الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إِنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ الْيَوْمَ، فَمَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا، فَوَجْهَانِ. قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ وَغَيْرُهُ: لَا طَلَاقَ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: تَقَعُ فِي آخِرِ لَحْظَةٍ مِنَ الْيَوْمِ، وَهُوَ إِذَا بَقِيَ مِنَ الْيَوْمِ زَمَنٌ لَا يَسَعُ التَّطْلِيقَ.
قُلْتُ: هَذَا الثَّانِي: أَفْقَهُ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute