الطَّرَفُ السَّادِسُ: فِي مَسَائِلِ الدَّوْرِ: فَإِذَا قَالَ لَهَا: إِذَا طَلَّقْتُكِ، أَوْ إِنْ طَلَّقْتُكِ، أَوْ مَتَى طَلَّقْتُكِ، أَوْ مَهْمَا طَلَّقْتُكِ، فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ طَلَّقَهَا، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا: لَا يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقٌ أَصْلًا، عَمَلًا بِالدَّوْرِ وَتَصْحِيحًا لَهُ، لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الْمُنْجَزُ لَوَقَعَ قَبْلَهُ ثَلَاثٌ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَقَعُ الْمُنْجَزُ لِلْبَيْنُونَةِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَقَعُ الثَّلَاثُ، لِعَدَمِ شَرْطِهِ وَهُوَ التَّطْلِيقُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَقَعُ الْمُنْجَزُ فَقَطْ. وَالثَّالِثُ: يَقَعُ ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ، الْمُنْجَزَةُ، وَطَلْقَتَانِ مِنَ الْمُعَلَّقِ. وَقِيلَ عَلَى هَذَا: يَقَعُ الْمُعَلَّقَاتُ دُونَ الْمُنْجَزَةِ، قَالَ الْإِمَامُ: وَهُوَ بَعِيدٌ، ثُمَّ الْوَجْهَانِ الْأَوَّلَانِ يَجْرِيَانِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا، وَأَمَّا الثَّالِثُ، فَمُخْتَصٌّ بِالْمَدْخُولِ بِهَا، فَإِنَّ غَيْرَهَا لَا يَتَعَاقَبُ عَلَيْهَا طَلَاقَانِ.
وَلَوْ قَالَ لِرَقِيقٍ: إِنْ أَعْتِقْكَ، فَأَنْتَ حُرٌّ قَبْلَهُ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ، عَتَقَ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ، وَلَوْ قَالَ: إِذَا طَلَّقْتُكِ، فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا قَبْلَهُ بِيَوْمٍ، وَأَمْهَلَ يَوْمًا ثُمَّ طَلَّقَهَا، فَفِيهِ الْخِلَافُ، وَلَوْ طَلَّقَ قَبْلَ تَمَامِ يَوْمٍ مِنْ وَقْتِ التَّعْلِيقِ، وَقَعَ الْمُنْجَزُ بِلَا خِلَافٍ، وَلَا يَقَعُ شَيْءٌ مِنَ الْمُعَلَّقِ، لِأَنَّ الْوُقُوعَ لَا يَسْبِقُ اللَّفْظَ. وَلَوْ قَالَ: مَتَى طَلَّقْتُكِ، فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ بِشَهْرَيْنِ أَوْ بِسَنَةٍ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ مُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَقَعَ الْمُنْجَزُ فَقَطْ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ مَضَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ، فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا، لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا، فَإِنْ كَانَتْ عِدَّتُهَا مُنْقَضِيَةً فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ لَوْ أَوْقَعْنَا طَلْقَةً مِنَ الْوَقْتِ الَّذِي ذَكَرَهُ، لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُنْقَضِيَةً، وَقَعَ عَلَيْهَا طَلْقَتَانِ، وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي: إِنْ لَمْ يَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا، وَقَعَ مَا نَجَزَهُ، وَإِنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا، وَكَانَتْ عِدَّتُهَا مُنْقَضِيَةً فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُنْقَضِيَةٍ، وَقَعَ طَلْقَتَانِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ ثَلَاثًا إِنْ طَلَّقْتُكِ غَدًا وَاحِدَةً، ثُمَّ طَلَّقَهَا غَدًا وَاحِدَةً، فَفِيهِ الْأَوْجُهُ، وَإِذَا كَانَ التَّعْلِيقُ بِالتَّطْلِيقِ كَمَا صَوَّرْنَاهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ، فَلَوْ كَانَ قَدْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِدُخُولِ الدَّارِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ التَّعْلِيقِ بِالتَّطْلِيقِ، ثُمَّ دَخَلَتِ الدَّارَ، يَقَعُ الْمُعَلَّقُ بِالدُّخُولِ بِلَا خِلَافٍ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَطْلِيقٍ، وَكَذَا لَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا بِتَطْلِيقِهَا، لِأَنَّهُ لَمْ يُطْلِّقْهَا الزَّوْجُ، إِنَّمَا وَقَعَ عَلَيْهَا طَلَاقُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute