للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَتَّى طَلَّقْتُكِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا، فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَلَمْ يَقُلْ: قَبْلَهُ، ثُمَّ طَلَّقَهَا، وَقَعَ الثَّلَاثُ وَلَا دَوْرَ. وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ: أَنَّهُ لَا يَقَعُ شَيْءٌ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: هَذَا غَلَطٌ مِنْ نَاقِلٍ أَوْ نَاسِخٍ، وَابْنُ سُرَيْجٍ أَجْلُّ مِنْ أَنْ يَقُولَ هَذَا، قَالَ الْإِمَامُ: وَالْمَحْكِيُّ عَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ، مُتَّجَهٌ عِنْدِي. وَلَوْ قَالَ: إِذَا طَلَّقْتُكِ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً، فَأَنْتِ طَالِقٌ مَعَهَا ثَلَاثًا، فَإِذَا طَلَّقَهَا، فَوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي قَوْلِهِ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً مَعَهَا طَلْقَةٌ، هَلْ يَقَعُ طَلْقَتَانِ أَمْ طَلْقَةٌ؟ إِنْ قُلْنَا: طَلْقَتَانِ مَعًا، فَهُنَا لَا يَقَعُ شَيْءٌ، بِنَاءً عَلَى تَصْحِيحِ الدَّوْرِ، وَإِنْ قُلْنَا هُنَاكَ: لَا يَقَعُ إِلَّا وَاحِدَةٌ، وَقَعَ هُنَا الثَّلَاثُ كَمَا لَوْ لَمْ يَقُلْ: مَعَهَا.

فَرْعٌ

اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي الرَّاجِحِ مِنَ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ فِي الدَّوْرِ، فَالْمَعْرُوفُ عَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَبِهِ اشْتُهِرَتِ الْمَسْأَلَةُ بِالسُّرَيْجِيَّةِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ وَالْقَفَّالَانِ، وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَصَاحِبُ «الْمُهَذَّبِ» ، وَالْغَزَالِيُّ، وَعَنِ الْمُزَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ الْمَنْثُورِ، وَرَأَيْتُ فِي بَعْضِ التَّعَالِيقِ، أَنَّ صَاحِبَ «الْإِفْصَاحِ» حَكَاهُ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، أَنَّهُ مَذْهَبُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ، وَهُوَ وُقُوعُ الثَّلَاثِ إِذَا نَجَزَ وَاحِدَةً، وَذَهَبَ إِلَى وُقُوعِ الْمُنْجَزَةِ فَقَطِ: ابْنُ الْقَاصِّ، وَأَبُو زَيْدٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي، وَالشَّرِيفُ نَاصِرٌ الْعُمَرِيُّ، وَلِلْغَزَّالِيِّ تَصْنِيفَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ، مُطَوَّلٌ فِي تَصْحِيحِ الدَّوْرِ، سَمَّاهُ «غَايَةَ الْغَوْرِ فِي دِرَايَةِ الدَّوْرِ» ، وَمُخْتَصَرٌ فِي إِبْطَالِهِ سَمَّاهُ «الْغَوْرَ فِي الدَّوْرِ» ، رَجَعَ فِيهِ عَنْ تَصْحِيحِهِ، وَاعْتَذَرَ فِيهِ عَمَّا سَبَقَ مِنْهُ، وَيُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ الْفَتْوَى بِهِ أَوْلَى. وَذَكَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>