فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَهُوَ حَلْفٌ، لِأَنَّ غَرَضَهُ التَّحْقِيقُ، وَحَمَلَهَا عَلَى التَّصْدِيقِ، وَإِنْ قَصَدَ بِقَوْلِهِ: إِنْ قَدِمَ فُلَانٌ، التَّوْقِيتَ، أَوْ كَانَ فُلَانٌ مِمَّنْ لَا يَمْتَنِعُ تَخَلُّفُهُ كَالسُّلْطَانِ، أَوْ قَالَ: إِذَا قَدِمَ الْحَجِيجُ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَلَيْسَ هَذَا حَلْفًا، وَمَا جَعَلْنَا التَّعْلِيقَ بِهِ حَلْفًا، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُعَلِّقَهُ بِصِيغَةِ (إِنْ) أَوْ صِيغَةِ (إِذَا) ، اعْتِبَارًا بِأَنَّهُ مَوْضِعُ مَنْعٍ وَحَثٍّ وَتَصْدِيقٍ وَقِيلَ: إِنْ كَانَ بِصِيغَةِ إِذَا فَهُوَ تَوْقِيتٌ وَلَيْسَ بِحَلْفٍ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَمَا لَمْ يُجْعَلِ التَّعْلِيقُ بِهِ حَلْفًا كَطُلُوعِ الشَّمْسِ وَقُدُومِ الْحَجِيجِ، فَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ صِيغَةِ «إِنْ» وَ «إِذَا» .
وَقِيلَ: إِنْ عَلَّقَهُ بِصِيغَةِ (إِنْ) كَانَ حَلْفًا لِأَنَّهُ صَرَفَهُ عَنِ التَّوْقِيتِ بِالْعُدُولِ عَنْ كَلِمَةِ التَّوْقِيتِ، وَهِيَ إِذَا، فَإِنَّهَا ظَرْفُ زَمَانٍ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ.
فَرْعٌ
قَالَ: إِنْ أَقْسَمْتُ بِطَلَاقِكِ، أَوْ عَقَدْتُ يَمِينِي بِطَلَاقِكِ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: إِنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكِ. وَلَوْ قَالَ: إِنْ لَمْ أَحْلِفْ بِطَلَاقِكِ، أَوْ إِذَا لَمْ أَحْلِفْ بِطَلَاقِكِ، فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَحُكْمُهُ كَمَا سَبَقَ فِي طَرَفِ الْإِثْبَاتِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّ لَفْظَةَ «إِنْ» لَا تَقْتَضِي الْفَوْرَ وَالْبِدَارَ إِلَى الْحَلْفِ، وَلَفْظَةُ «إِذَا» تَقْتَضِيهِ. فَإِذَا قَالَ: إِذَا لَمْ أَحْلِفْ بِطَلَاقِكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ أَعَادَ ذَلِكَ مَرَّةً ثَانِيَةً وَثَالِثَةً، نُظِرَ إِنْ فَصَلَ بَيْنَ الْمَرَّاتِ بِقَدْرِ مَا يُمْكِنُ فِيهِ الْحَلْفُ بِطَلَاقِهَا وَسَكَتَ فِيهِ وَلَمْ يَحْلِفْ عُقَيْبَ الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ وَقَعَ الطَّلَقَاتُ الثَّلَاثُ، وَإِنْ وَصَلَ الْكَلِمَاتِ، لَمْ يَقَعْ بِالْأُولَى وَلَا بِالثَّانِيَةِ شَيْءٌ، وَيَقَعُ بِالثَّالِثَةِ طَلْقَةٌ، إِذَا لَمْ يَحْلِفْ بِطَلَاقِهَا.
وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا لَمْ أَحْلِفْ بِطَلَاقِكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَمَضَى زَمَانٌ يُمْكِنُهُ أَنْ يَحْلِفَ فِيهِ فَلَمْ يَحْلِفْ، طُلِّقَتْ طَلْقَةً. فَإِذَا مَضَى مِثْلُ ذَلِكَ وَلَمْ يَحْلِفْ وَقَعَتْ ثَانِيَةٌ، وَكَذَلِكَ الثَّالِثَةُ. وَلَوْ قَالَ: إِنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ أَعَادَ هَذَا الْقَوْلَ مَرَّةً ثَانِيَةً وَثَالِثَةً وَرَابِعَةً، فَإِنْ كَانَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute