وَلَوْ قَالَ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ، فَكَلَّمْتِ زَيْدًا، أَوْ ثُمَّ كَلَّمْتِ زَيْدًا، فَلَا بُدَّ مِنْهُمَا، وَيُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ الدُّخُولِ، وَلَوْ قَالَ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ، إِنْ كَلَّمْتِ زَيْدًا، فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ دَخَلْتِ، إِنْ كَلَّمْتِ، فَلَا بُدَّ مِنْهُمَا، وَيُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ الْمَذْكُورِ آخِرًا عَلَى الْمَذْكُورِ أَوَّلًا، وَيُسَمَّى هَذَا اعْتِرَاضَ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ، لِأَنَّهُ جَعَلَ الْكَلَامَ شَرْطًا لِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالدُّخُولِ، وَالتَّعْلِيقُ يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ، كَمَا أَنَّ التَّنْجِيزَ يَقْبَلُهُ، وَلِهَذَا يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ لِعَبْدِهِ: إِنْ دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ، وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ [هُودٌ: ٣٤] وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا، فَإِنْ قَدَّمَتِ الثَّانِيَ، لَمْ تُطَلَّقْ، وَهَذَا غَرِيبٌ ضَعِيفٌ.
وَمَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ إِلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بِالتَّرْتِيبِ، وَيَتَعَلَّقُ الطَّلَاقُ بِحُصُولِهِمَا كَيْفَ كَانَ، وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجَمَاهِيرُ، هُوَ الْأَوَّلُ، قَالُوا: فَإِذَا كَلَّمَتْهُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ دَخَلَتْ، طُلِّقَتْ، وَإِنْ دَخَلَتْ ثُمَّ كَلَّمَتْهُ، لَمْ تُطَلَّقْ.
قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ، فَلَوْ كَلَّمَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ دَخَلَتْ، لَمْ تُطَلَّقْ، لِأَنَّ الْيَمِينَ تَنْعَقِدُ عَلَى الْمَرَّةِ الْأُولَى، وَسَوَاءٌ كَانَتْ صِيغَةُ الشَّرْطِ فِي الصِّفَتَيْنِ إِنْ أَوْ غَيْرَهَا، وَسَوَاءٌ اتَّحَدَتِ الصِّيغَةُ أَمْ لَا، حَتَّى لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِذَا دَخَلْتِ، إِذَا كَلَّمْتِ، أَوْ قَالَ: إِنْ دَخَلْتِ إِنْ كَلَّمْتِ، أَوْ بِالْعَكْسِ، أَوْ قَالَ: مَتَى كَلَّمْتِ، فَالْحُكْمُ كَمَا سَبَقَ، وَلَوْ قَالَ: إِنْ أَعْطَيْتُكِ، إِنْ وَعَدْتُكِ، إِنْ سَأَلْتِنِي فَأَنْتَ طَالِقٌ، اشْتَرَطَ وُجُودَ السُّؤَالِ، ثُمَّ الْوَعْدِ، ثُمَّ الْعَطِيَّةِ، وَالْمَعْنَى: إِنْ سَأَلْتِنِي فَوَعَدْتُكِ فَأَعْطَيْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ،
[وَذَكَرَ صَاحِبُ «الْمُهَذَّبِ» أَنَّهُ لَوْ قَالَ: إِنْ سَأَلْتِنِي إِنْ أَعْطَيْتُكِ إِنْ وَعَدْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ] اشْتَرَطَ السُّؤَالَ، ثُمَّ الْوَعْدَ، ثُمَّ الْعَطِيَّةَ، لَكِنَّ مُقْتَضَى مَا تُمَهَّلُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْوَعْدِ، ثُمَّ الْعَطِيَّةِ، ثُمَّ السُّؤَالِ، وَالْمَعْنَى: إِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute