مِثْلَهُ. وَقَطَعَ الْقَفَّالُ بِأَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ. وَلَا يَخْرُجُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْأَيْمَانِ، لِأَنَّ التَّعْوِيلَ فِي الْأَيْمَانِ عَلَى تَعْظِيمِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْحِنْثُ هَتْكُ حُرْمَةٍ، وَالنَّاسِي وَالْمَكْرُوهُ غَيْرُ مُنْتَهِكٍ، وَالطَّلَاقُ تَعْلِيقٌ بِصِفَةٍ، وَقَدْ وُجِدَتْ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ.
قُلْتُ: قَدْ رَجَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُحَرَّرِ أَيْضًا عَدَمَ الْحِنْثِ فِي الطَّلَاقِ وَالْيَمِينِ جَمِيعًا، وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْحَدِيثِ الْحَسَنِ: رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ. وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ عَامٌّ فَيُعْمَلُ بِعُمُومِهِ، إِلَّا فِيمَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى تَخْصِيصِهِ، كَغَرَامَةِ الْمُتْلَفَاتِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ عُلِّقَ بِفِعْلِ الزَّوْجَةِ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُعَلَّقِ بِفِعْلِهِ شُعُورٌ بِالتَّعْلِيقِ، وَلَمْ يَقْصِدِ الزَّوْجُ إِعْلَامَهُ، أَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ، بِأَنْ عَلَّقَ بِقُدُومِ الْحَجِيجِ أَوِ السُّلْطَانِ، طُلِّقَتْ بِفِعْلِهِ فِي حَالَتَيِ النِّسْيَانِ وَالْإِكْرَاهِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: إِنْ فَعَلَهُ مُكْرَهًا، فَفِيهِ الْقَوْلَانِ، فَكَأَنَّهُ لَا فِعْلَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ بِفِعْلِهِ عَالِمًا بِالتَّعْلِيقِ، وَهُوَ مِمَّنْ يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ، وَقَصَدَ الْمُعَلِّقُ بِالتَّعْلِيقِ مَنْعَهُ، فَفَعَلَهُ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ جَاهِلًا، فَفِيهِ الْقَوْلَانِ. وَلَوْ قَصَدَ مَنْعَهَا مِنَ الْمُخَالَفَةِ فَنَسِيَتْ، قَالَ الْغَزَالِيُّ: لَا تُطَلَّقُ قَطْعًا لِعَدَمِ الْمُخَالَفَةِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يُرَاعَى مَعْنَى التَّعْلِيقِ وَيُطْرَدَ الْخِلَافُ.
قُلْتُ: الصَّحِيحُ قَوْلُ الْغَزَالِيِّ، وَيَقْرُبُ مِنْهُ عَكْسُهُ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَمْدًا وَلَا نَاسِيًا، فَدَخَلَ نَاسِيًا، فَنَقَلَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: أَنَّهُ يَحْنَثُ بِلَا خِلَافٍ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ عَلَّقَ بِدُخُولِ طِفْلٍ أَوْ بَهِيمَةٍ أَوْ سِنَّوْرٍ، فَدَخَلَ، طُلِّقَتْ، قَالَ الْحَنَّاطِيُّ: وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ، وَإِنْ حَصَلَ دُخُولُهُمْ كُرْهًا، لَمْ تُطَلَّقْ، قَالَ: وَيُحْتَمَلُ الْوُقُوعُ، إِذْ لَا قَصْدَ لَهُمْ، فَلَا أَثَرَ لِإِكْرَاهِهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute