طَلَّقْتَ امْرَأَتَكَ، فَقَالَ: اعْلَمْ أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى مَا تَقُولُهُ، لَمْ يَكُنْ إِقْرَارًا بِالطَّلَاقِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَأَنَّهُ جَلَسَ مَعَ جَمَاعَةٍ فَقَامَ وَلَبِسَ خُفَّ غَيْرِهِ، فَقَالَتْ لَهُ: اسْتَبْدَلْتَ بِخُفِّكَ وَلَبِسْتَ خُفَّ غَيْرِكَ، فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ خَرَجَ بَعْدَ خُرُوجِ الْجَمَاعَةِ، وَلَمْ يَبْقَ هُنَاكَ إِلَّا مَا لَبِسَهُ، لَمْ تُطَلَّقْ، لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَبْدِلْ، بَلِ اسْتَبْدَلَ الْخَارِجُونَ قَبْلَهُ، وَإِنْ بَقِيَ غَيْرُهُ، طُلِّقَتْ.
قُلْتُ: هَذَا الْكَلَامُ ضَعِيفٌ فِي الطَّرَفَيْنِ جَمِيعًا، بَلْ صَوَابُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إِنْ خَرَجَ بَعْدَ خُرُوجِ الْجَمِيعِ، نُظِرَ، إِنْ قَصَدَ أَنِّي لَمْ أَجِدْ بَدَلَهُ، كَانَ كَاذِبًا، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ أَخَذَ بَدَلَهُ، طُلِّقَتْ، وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا، فَعَلَى قَوْلَيْ طَلَاقِ النَّاسِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَصَدَ، خَرَجَ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ، فِي أَنَّ اللَّفْظَ الَّذِي تَخْتَلِفُ دَلَالَتُهُ بِالْوَضْعِ وَالْعُرْفِ، عَلَى أَيِّهِمَا يُحْمَلُ لِأَنَّ هَذَا يُسَمَّى اسْتِبْدَالًا فِي الْعُرْفِ. وَأَمَّا إِنْ خَرَجَ وَقَدْ بَقِيَ بَعْضُ الْجَمَاعَةِ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ خُفَّهُ مَعَ الْخَارِجِينَ قَبْلَهُ، فَحُكْمُهُ مَا ذَكَرْنَا، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ بَاقِيًا، أَوْ شَكَّ، فَفِيهِ الْخِلَافُ فِي تَعَارُضِ الْوَضْعِ وَالْعُرْفِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَنَّهُ لَوْ رَأَى امْرَأَتَهُ تَنْحِتُ خَشَبَةً، فَقَالَ: إِنْ عُدْتِ إِلَى مِثْلِ هَذَا الْفِعْلِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَنَحَتَتْ خَشَبَةً مِنْ شَجَرَةٍ أُخْرَى، فَفِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ [وَجْهَانِ] لِأَنَّ النَّحْتَ كَالنَّحْتِ، لَكِنَّ الْمَنْحُوتَ غَيْرُهُ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ الْوُقُوعُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: إِنْ لَمْ تَخْرُجِي اللَّيْلَةَ مِنْ دَارِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَخَلَعَهَا مَعَ أَجْنَبِيٍّ فِي اللَّيْلِ وَجَدَّدَ نِكَاحَهَا وَلَمْ تَخْرُجْ، لَمْ تُطَلَّقْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute