قَالَ شَافِعِيٌّ: إِنْ لَمْ يَكُنِ الشَّافِعِيُّ أَفْضَلَ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ، فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، وَقَالَ حَنَفِيٌّ: إِنْ لَمْ يَكُنْ أَبُو حَنِيفَةَ أَفْضَلَ مِنَ الشَّافِعِيِّ، فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، لَا يُحْكَمُ بِالطَّلَاقِ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَشَبَّهُوهُ بِمَسْأَلَةِ الْغُرَابِ. وَعَنِ الْقَفَّالِ: لَا يُفْتَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ إِبْرَاهِيمَ الْمَرُّوذِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، أَنَّهُ لَوْ قَالَ السُّنِّيُّ: إِنْ لَمْ يَكُنِ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، وَقَالَ الْمُعْتَزِلِيُّ: إِنْ كَانَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، أَوْ قَالَ السُّنِّيُّ: إِنْ لَمْ يَكُنْ أَبُو بَكْرٍ أَفْضَلَ مِنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، فَقَالَ الرَّافِضِيُّ: إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ أَفْضَلَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَقَعَ طَلَاقُ الْمُعْتَزِلِيِّ وَالرَّافِضِيِّ، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا: أَفْرِغِي الْبَيْتَ مِنْ قُمَاشِكِ، فَإِنْ دَخَلْتُ وَوَجَدْتُ فِيهِ شَيْئًا مِنْ قُمَاشِكِ وَلَمْ أَكْسِرْهُ عَلَى رَأْسِكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَدَخَلَ فَوَجَدَ فِي الْبَيْتِ هَاوُنًا لَهَا، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا تُطَلَّقُ، لِلِاسْتِحَالَةِ، وَالثَّانِي: تُطَلَّقُ عِنْدَ الْيَأْسِ قُبَيْلَ مَوْتِهَا أَوْ مَوْتِهِ.
وَأَنَّهُ لَوْ تَخَاصَمَ الزَّوْجَانِ فَخَرَجَتْ مَكْشُوفَةَ الْوَجْهِ، فَعَدَا خَلْفَهَا وَقَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي خَرَجَتْ مِنَ الدَّارِ مَكْشُوفَةً لِيَقَعَ نَظَرُ الْأَجَانِبِ عَلَيْهَا فَهِيَ طَالِقٌ، فَسَمِعَتْ قَوْلَهُ فَرَجَعَتْ وَلَمْ يُبْصِرْهَا أَجْنَبِيٌّ، طُلِّقَتْ، وَلَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي خَرَجَتْ مَكْشُوفَةً وَيَقَعُ نَظَرُ الْأَجَانِبِ عَلَيْهَا فَهِيَ طَالِقٌ، فَخَرَجَتْ وَلَمْ يُبْصِرْهَا أَجْنَبِيٌّ، لَمْ تُطَلَّقْ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ الطَّلَاقَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ مُعَلَّقٌ عَلَى صِفَتَيْنِ، وَلَمْ يُوجَدْ إِلَّا إِحْدَاهُمَا، وَفِي الْأُولَى عَلَى صِفَةٍ فَقَطْ وَقَدْ وُجِدَتْ.
قُلْتُ: هَكَذَا صَوَابُ صُورَةِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَكَذَا حَقِيقَتُهَا مِنْ كِتَابِ إِبْرَاهِيمَ الْمَرُّوذِيِّ، وَوَقَعَتْ فِي نُسَخٍ مِنْ كِتَابِ الرَّافِعِيِّ مُغَيَّرَةً. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute