الْمُرَاجَعَةُ حَيْثُ يَجُوزُ ابْتِدَاءُ النِّكَاحِ، هَذَا إِذَا جَوَّزْنَا التَّوْكِيلَ فِي الرَّجْعَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَلِلْعَبْدِ الْمُرَاجَعَةُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ عَلَى الصَّحِيحِ.
الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الصِّيغَةُ، فَتَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِقَوْلِهِ: رَجَعْتُكِ أَوْ رَاجَعْتُكِ أَوِ ارْتَجَعْتُكِ، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ صَرِيحَةٌ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُضِيفَ إِلَى النِّكَاحِ أَوِ الزَّوْجِيَّةِ، أَوْ نَفْسِهِ، فَيَقُولُ: رَجَعْتُكِ إِلَى نِكَاحِي أَوْ زَوْجِيَّتِي أَوْ إِلَيَّ، وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ، وَلَا بُدَّ مِنْ إِضَافَةِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ إِلَى مُظْهَرٍ أَوْ مُضْمَرٍ، كَقَوْلِهِ: رَاجَعْتُ فُلَانَةً أَوْ رَاجَعْتُكِ، فَأَمَّا مُجَرَّدُ رَاجَعْتُ وَارْتَجَعْتُ، فَلَا يَنْفَعُ.
وَلَوْ قَالَ: رَاجَعْتُكِ لِلْمَحَبَّةِ أَوْ لِلْإِهَانَةِ أَوْ لِلْأَذَى، وَقَالَ: أَرَدْتُ لِمَحَبَّتِي إِيَّاكِ، أَوْ لِأُهِينَكِ، أَوْ أُوذِيَكِ، قُبِلَ وَحَصَلَتِ الرَّجْعَةُ، وَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ أَنِّي كُنْتُ أُحِبُّهَا أَوْ أُهِينُهَا قَبْلَ النِّكَاحِ، فَرَدَدْتُهَا إِلَى ذَلِكَ، قُبِلَ وَلَمْ تَحْصُلِ الرَّجْعَةُ، وَإِنْ تَعَذَّرَ سُؤَالُهُ بِمَوْتِهِ، أَوْ أَطْلَقَ، حَصَلَتِ الرَّجْعَةُ، لِأَنَّ اللَّفْظَ صَرِيحٌ وَظَاهِرُهُ إِرَادَةُ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ، وَأُشِيرَ فِيهِ إِلَى احْتِمَالٍ، وَلَوْ قَالَ: رَدَدْتُهَا، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ صَرِيحٌ، فَعَلَى هَذَا، فِي اشْتِرَاطِهِ قَوْلَهُ: إِلَيَّ أَوْ إِلَى نِكَاحِي، وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: يُشْتَرَطُ، وَلَوْ قَالَ: أَمْسَكْتُكِ، فَهَلْ هُوَ كِنَايَةٌ أَمْ صَرِيحٌ أَمْ لَغْوٌ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ، أَصَحُّهَا عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِمْ: كِنَايَةٌ، وَصَحَّحَ الْبَغَوِيُّ كَوْنَهُ صَرِيحًا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سَلَمَةَ وَالِاصْطَخْرِيِّ، وَابْنِ الْقَاصِّ.
قُلْتُ: صَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي «الْمُحَرَّرِ» أَنَّهُ صَرِيحٌ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَإِنْ قُلْنَا: صَرِيحٌ، فَيُشْبِهُ أَنْ يَجِيءَ فِي اشْتِرَاطِ الْإِضَافَةِ وَجْهَانِ، كَالرَّدِّ.
وَجَزَمَ الْبَغَوِيُّ بِعَدَمِ الِاشْتِرَاطِ، وَأَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ. وَلَوْ قَالَ: تَزَوَّجْتُكِ أَوْ نَكَحْتُكِ، فَهَلْ هُوَ كِنَايَةٌ أَمْ صَرِيحٌ، أَمْ لَغْوٌ؟ أَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا: الْأَوَّلُ، وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute