فَإِنْ ظَاهَرَ، صَارَ مُؤْلِيًا، لِأَنَّ الْعِتْقَ يَحْصُلُ حِينَئِذٍ لَوْ وَطِئَ. وَقِيلَ: فِي كَوْنِهِ مُؤْلِيًا فِي الْحَالِ قَوْلَانِ، لِقُرْبِهِ مِنَ الْحِنْثِ، كَمَا لَوْ قَالَ لِنِسْوَةٍ: وَاللَّهِ لَا جَامَعْتُكُنَّ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَلَوْ قَالَ: إِنْ وَطِئْتُكِ، فَعَبْدِي حُرٌّ إِنْ ظَاهَرْتُ، وَلَمْ يَقُلْ: عَنْ ظِهَارِي، كَانَ مُؤْلِيًا فِي الْحَالِ، فَإِذَا قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُؤْلِيًا إِلَّا إِذَا ظَاهَرَ، فَوَطِئَ فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَوْ بَعْدَهَا، حَصَلَ الْعِتْقُ لِوُجُودِ الظِّهَارِ، وَالْوَطْءُ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ، وَلَا يَقَعُ هَذَا الْعِتْقُ عَنِ الظِّهَارِ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ، وَلِمَ لَا يَقَعُ؟ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْعِتْقِ سَبَقَ الظِّهَارَ، وَالْعِتْقُ لَا يَقَعُ عَنِ الظِّهَارِ إِلَّا بِلَفْظٍ يُوجَدُ بَعْدَهُ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ خَالِصًا عَنِ الظِّهَارِ، لِتَأَدِّي حَقِّ الْحِنْثِ بِهِ، فَأَشْبَهَ عِتْقَ الْقَرِيبِ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ عِنْدَ الْأَصْحَابِ، وَبَنُوا عَلَى التَّعْلِيلَيْنِ مَا لَوْ قَالَ: إِنْ وَطِئْتُكِ، فَعَبْدِي حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي إِنْ ظَاهَرْتُ، وَكَانَ ظَاهَرَ وَنَسِيَ، فَيَكُونُ مُؤْلِيًا فِي الْحَالِ، وَإِذَا وَطِئَ، عَتَقَ الْعَبْدُ عَنِ الظِّهَارِ عَلَى التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي.
فَرْعٌ
قَالَ: إِنْ وَطِئْتُكِ، فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَ عَبْدِي هَذَا عَنْ ظِهَارِي، وَكَانَ ظَاهَرَ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا وَوَجَدَ الْعَوْدَ، فَهَلْ يَكُونُ مُؤْلِيًا؟ يُبْنَى عَلَى أَنَّ مَنْ فِي ذِمَّتِهِ إِعْتَاقُ رَقَبَةٍ فَنَذَرَ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّرِ أَنْ يَعْتِقَ الْعَبْدَ الْفُلَانِيَّ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ، هَلْ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ الْعَبْدُ أَمْ لَا؟ النَّصُّ وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ: يَتَعَيَّنُ، وَاخْتَارَ الْمُزَنِيُّ: أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ، وَخَرَّجَهُ عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَعَدَّ الْإِمَامُ هَذَا قَوْلًا فِي الْمَذْهَبِ وَقَالَ: تَخْرِيجُهُ أَوْلَى مِنْ تَخْرِيجِ غَيْرِهِ. وَنَقَلَ الْإِمَامُ أَنَّ الْقَاضِيَ حُسَيْنًا قَالَ: لَوْ نَذَرَ صَرْفَ زَكَاتِهِ إِلَى مُعَيَّنَيْنِ مِنَ الْأَصْنَافِ، تَعَيَّنُوا، وَأَنَّ الْأَكْثَرِينَ قَالُوا: لَا يَتَعَيَّنُونَ، وَفَرَّقُوا بِقُوَّةِ الْعِتْقِ، فَإِنْ قُلْنَا: يَتَعَيَّنُ الْعَبْدُ الْمُعَيَّنُ لِلْإِعْتَاقِ، صَارَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute