ذَلِكَ التَّصَرُّفِ، كَالطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ، وَمَا لَا يَقْبَلُهُ، لَا تَصِحُّ إِضَافَتُهُ إِلَى بَعْضِ الْمَحَلِّ، كَالنِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ. وَأَمَّا الْإِيلَاءُ، فَإِنْ أَضَافَهُ إِلَى الْفَرْجِ فَقَالَ: لَا أُجَامِعُ فَرْجَكِ، كَانَ مُؤْلِيًا، وَإِنْ أَضَافَ إِلَى الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَسَائِرِ الْأَعْضَاءِ غَيْرَ الْفَرْجِ، لَمْ يَكُنْ مُؤْلِيًا، وَإِنْ قَالَ: لَا أُجَامِعُ بَعْضَكِ، لَمْ يَكُنْ مُؤْلِيًا، إِلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْبَعْضِ الْفَرْجَ، وَإِنْ قَالَ: لَا أُجَامِعُ نِصْفَكِ، فَقَدْ أَطْلَقَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ، أَنَّهُ لَيْسَ بِمُؤْلٍ قَالَ الْإِمَامُ: إِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ، فَظَاهِرٌ، أَمَّا إِذَا نَوَى، فَفِيهِ احْتِمَالٌ، لِأَنَّ مِنْ ضَرُورَةِ تَرْكِ الْجِمَاعِ فِي النِّصْفِ تَرْكَهُ فِي الْجَمِيعِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ.
قُلْتُ: وَلَوْ قَالَ: لَا أُجَامِعُ نِصْفَكِ الْأَسْفَلَ، فَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْإِيلَاءِ، ذَكَرَهُ فِي «الْوَسِيطِ» . وَالْمُرَادُ بِالْفَرْجِ الْمَذْكُورِ، الْقُبُلُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الْمُشَبَّهُ بِهِ أَصْلُ الظِّهَارِ، تَشْبِيهُ الزَّوْجَةِ بِظَهْرِ الْأُمِّ، وَلَوْ شَبَّهَهَا بِجَدَّةٍ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوِ الْأُمِّ، فَهُوَ ظِهَارٌ قَطْعًا، هَكَذَا قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ.
وَقِيلَ: فِيهِ خِلَافٌ كَالتَّشْبِيهِ بِالْبِنْتِ. وَأَمَّا غَيْرُ الْأُمِّ وَالْجَدَّةِ مِنَ الْمَحَارِمِ، فَقِسْمَانِ. أَحَدُهُمَا: مُحَرَّمَاتٌ بِالنَّسَبِ، كَالْبَنَاتِ، وَالْأَخَوَاتِ، وَالْعَمَّاتِ، وَالْخَالَاتِ، وَبَنَاتِ الْأُخْتِ. فَإِذَا شَبَّهَ زَوْجَتَهُ بِظَهْرِ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، فَقَوْلَانِ، الْجَدِيدُ وَأَحَدُ قَوْلَيِ الْقَدِيمِ: أَنَّهُ ظِهَارٌ، وَالثَّانِي: لَا، لِلْعُدُولِ عَنِ الْمَعْهُودِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: الْمُحَرَّمَاتُ بِالسَّبَبِ، وَهُنَّ ضَرْبَانِ، مُحَرَّمَاتٌ بِالرَّضَاعِ، وَمُحَرَّمَاتٌ بِالْمُصَاهَرَةِ، وَفِيهِنَّ خِلَافٌ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَقْوَالٍ، وَطُرُقٍ، وَأَوْجُهٍ، وَالْمَذْهَبُ مِنْهَا عِنْدَ الْأَصْحَابِ: أَنَّ التَّشْبِيهَ بِمَنْ لَمْ تَزَلْ مِنْهُنَّ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ ظِهَارٌ، وَبِمَا كَانَتْ حَلَالًا لَهُ ثُمَّ حُرِّمَتْ، لَيْسَ بِظِهَارٍ، وَإِذَا اخْتَصَرْتُ الْخِلَافَ فِي الْجَمِيعِ، جَاءَ سَبْعَةُ أَقْوَالٍ وَأَوْجُهٍ. أَحَدُهَا: اقْتِصَارُ الظِّهَارُ عَلَى التَّشْبِيهِ بِالْأُمِّ. وَالثَّانِي: إِلْحَاقُ الْجَدَّاتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute