الْمُزَنِيُّ، وَأَصَحُّهُمَا وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ: أَنَّهُ لَا يَكُونُ بِالْإِمْسَاكِ عَائِدًا، وَلَا يَحْصُلُ الْعَوْدُ إِلَّا بِالْوَطْءِ فِي الْمُدَّةِ. فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي خَمْسَةَ أَشْهُرٍ، فَهُوَ مُؤْلٍ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا، لِأَنَّهُ لَيْسَ حَالِفًا. وَإِذَا وَطِئَ فَمَتَى يَصِيرُ عَائِدًا؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: عِنْدَ الْوَطْءِ، فَعَلَى هَذَا لَا يَحْرُمُ الْوَطْءُ، لَكِنْ إِذَا غَابَتِ الْحَشَفَةُ، لَزِمَهُ النَّزْعُ كَمَا سَبَقَ فِي قَوْلِهِ: إِنْ وَطِئْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَذَكَرْنَا هُنَاكَ وَجْهًا أَنَّهُ يَحْرُمُ الْوَطْءُ. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا شَكَّ فِي جَرَيَانِهِ هُنَا. وَالثَّانِي، قَالَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ وَغَيْرُهُ: نَتَبَيَّنُ بِالْوَطْءِ كَوْنَهُ عَائِدًا بِالْإِمْسَاكِ عَقِبَ الظِّهَارِ، فَعَلَى هَذَا يَحْرُمُ ابْتِدَاءُ الْوَطْءِ، كَمَا لَوْ قَالَ: إِنْ وَطِئْتُكِ، فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ، يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ. وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَطْءِ حَتَّى يَكَفِّرَ أَوْ تَمْضِيَ مُدَّةُ الظِّهَارِ، فَإِذَا مَضَتْ، حَلَّ الْوَطْءُ لِارْتِفَاعِ الظِّهَارِ، وَبَقِيَتِ الْكَفَّارَةُ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَوْ لَمْ يَطَأْ حَتَّى مَضَتِ الْمُدَّةُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَتَرَدَّدَ الْإِمَامُ فِي أَنَّهُ لَوْ ظَاهَرَ ظِهَارًا مُطْلَقًا وَعَادَ، هَلْ يَحْصُلُ التَّحْرِيمُ بِالظِّهَارِ فَقَطْ، أَمْ بِهِ وَبِالْعَوْدِ؟ قَالَ: وَالظَّاهِرُ الثَّانِي، لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ مُرَتَّبَةٌ عَلَيْهِمَا، وَالتَّحْرِيمُ مُرَتَّبٌ عَلَى وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ التَّرَدُّدِ فِي لَمْسِهِ وَقُبْلَتِهِ بِغَرَضٍ عَقِبَ الظِّهَارِ إِلَى أَنْ يَتِمَّ زَمَنُ لَفْظِ الطَّلَاقِ، وَإِذَا حَصَلَ الْعَوْدُ فِي الظِّهَارِ الْمُؤَقَّتِ عَلَى اخْتِلَافِ الْوَجْهَيْنِ، فَالْوَاجِبُ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَعَلَيْهِ تَتَفَرَّعُ الْأَحْكَامُ الْمَذْكُورَةُ، وَفِي وَجْهٍ: الْوَاجِبُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَيَنْزِلُ لَفْظُ الظِّهَارِ مَنْزِلَةَ لَفْظِ التَّحْرِيمِ. وَذَكَرَ ابْنُ كَجٍّ تَفْرِيعًا عَلَيْهِ أَنَّهُ يَجُوزُ الْوَطْءُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ.
فَرْعٌ
قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ شَهْرًا أَوْ سَنَةً وَنَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِهَا، أَوْ أَطْلَقَ، وَقُلْنَا:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute