للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَانَ يُنْكِرُ أَصْلَ الرِّسَالَةِ كَالْوَثَنِيِّ، كَفَى فِي إِسْلَامِهِ الشَّهَادَتَانِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: وَقَدْ رَأَيْتُ هَذَا التَّفْصِيلَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فِي كِتَابِ «قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ» ، وَنَقَلَ الْإِمَامُ خِلَافًا لِلْأَصْحَابِ، وَفِي اشْتِرَاطِ الْبَرَاءَةِ قَالَ: وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ.

قُلْتُ: فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، حَكَاهَا صَاحِبُ «الْحَاوِي» . وَالصَّحِيحُ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ، وَالثَّانِي: أَنَّ التَّبَرُّؤَ شَرْطٌ مُطْلَقًا، وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ مُطْلَقًا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَالْمَذْهَبُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ، أَنَّ كَلِمَتَيِ الشَّهَادَتَيْنِ لَا بُدَّ مِنْهُمَا، وَلَا يَحْصُلُ الْإِسْلَامُ إِلَّا بِهِمَا، وَحَكَى الْإِمَامُ مَعَ ذَلِكَ طَرِيقَةً أُخْرَى مَنْسُوبَةً إِلَى الْمُحَقِّقِينَ، أَنَّ مَنْ أَتَى مِنَ الشَّهَادَتَيْنِ بِكَلِمَةٍ تُخَالِفُ مُعْتَقَدَهُ، حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ، وَإِنْ أَتَى مِنْهُمَا بِمَا يُوَافِقُهُ، لَمْ يُحْكَمْ، فَإِذَا وَحَّدَ الثَّنَوِيُّ، أَوْ قَالَ الْمُعَطِّلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، جُعِلَ مُسْلِمًا، وَعُرِضَ عَلَيْهِ شَهَادَةُ الرِّسَالَةِ، فَإِنْ أَنْكَرَ، صَارَ مُرْتَدًّا. وَالْيَهُودِيُّ إِذَا قَالَ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ، وَحَكَى عَنْ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ خِلَافًا فِي أَنَّ الْيَهُودِيَّ أَوِ النَّصْرَانِيَّ إِذَا اعْتَرَفَ بِصَلَاةٍ تُوَافِقُ مِلَّتَنَا، أَوْ حُكْمٍ يَخْتَصُّ بِشَرِيعَتِنَا، هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ إِسْلَامًا؟ وَقَالَ: مَيْلُ مُعْظَمِ الْمُحَقِّقِينَ إِلَى كَوْنِهِ إِسْلَامًا، وَعَنِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ فِي ضَبْطِهِ، أَنَّهُ قَالَ: كُلَّمَا كَفَرَ الْمُسْلِمُ بِجَحْدِهِ، صَارَ الْكَافِرُ الْمُخَالِفُ لَهُ مُسْلِمًا بِعَقْدِهِ. ثُمَّ إِنْ كَذَّبَ غَيْرَ مَا صَدَّقَ بِهِ، كَانَ مُرْتَدًّا، وَالْمَذْهَبُ الْمَعْرُوفُ مَا قَدَّمْنَاهُ.

فَرْعٌ

اسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ يُمْتَحَنَ الْكَافِرُ عِنْدَ إِسْلَامِهِ بِإِقْرَارِهِ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>