الْكَفَّارَةِ، عَتَقَ وَلَا يُجْزِئُهُ عَنْهَا، سَوَاءٌ جَوَّزْنَا بَيْعَهُ أَمْ لَا، بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ عَلَى الْقَوْلِ الشَّاذِّ، لِأَنَّ أُمِّيَّةَ الْوَلَدِ يَنْقَطِعُ أَثَرُهَا بِالْبَيْعِ، بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ، فَإِنَّهُ إِذَا أَدَّى النُّجُومَ إِلَى الْمُشْتَرِي عَتَقَ، ثُمَّ إِذَا عَتَقَ الْمُكَاتَبُ، تَبِعَهُ أَوْلَادُهُ وَأَكْسَابُهُ، وَأُمُّ الْوَلَدِ لَا تُسْتَتْبَعُ ذَلِكَ، لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا يُتْبِعُونَهَا فِي الْعِتْقِ بِمَوْتِ السَّيِّدِ، وَلَمْ يَحْصُلْ، وَأَوْلَادُ الْمُكَاتَبِ يَتْبَعُونَهُ إِذَا عَتَقَ بِأَدَاءِ النُّجُومِ أَوِ الْبَرَاءَةِ مِنْهَا، وَهَذَا فِي مَعْنَى الْإِبْرَاءِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إِذَا اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَنَوَى كَوْنَ الْعِتْقِ عَنِ الْكَفَّارَةِ، فَعَنِ الْأَوْدَنِيِّ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ، وَكَذَا لَوْ وُهِبَ لَهُ، فَقَبِلَهُ، أَوْ أُوصَى لَهُ بِهِ، فَقَبِلَ وَقُلْنَا: تُمْلَكُ الْوَصِيَّةُ بِالْقَبُولِ، وَنَوَى الْعِتْقَ عَنِ الْكَفَّارَةِ، وَكَذَا لَوْ وَرِثَهُ أَوْ مَلَكَ الْمُكَاتَبُ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِهِ، ثُمَّ عَجَّزَهُ السَّيِّدُ، وَنَوَى عِتْقَ قَرِيبِهِ عَنِ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّ الْعِتْقَ مُسْتَحَقٌّ بِجِهَةِ الْقَرَابَةِ فِي كُلِّ هَذِهِ الصُّوَرِ. الثَّالِثَةُ: لَوِ اشْتَرَى عَبْدًا بِشَرْطِ الْعِتْقِ، فَقَدْ سَبَقَ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ إِعْتَاقُهُ عَنِ الْكَفَّارَةِ.
الرَّابِعَةُ: إِذَا أَعْتَقَ عَنِ الْكَفَّارَةِ مَرْهُونًا، بُنِيَ عَلَى الْخِلَافِ فِي نُفُوذِ عِتْقِهِ، إِنْ نَفَّذْنَاهُ، أَجْزَأَ عَنِ الْكَفَّارَةِ إِذَا نَوَاهَا، وَكَذَا إِنْ لَمْ نُنَفِّذْهُ فِي الْحَالِ وَنَفَّذْنَاهُ بَعْدَ الِانْفِكَاكِ بِاللَّفْظِ السَّابِقِ، وَيَكُونُ كَمَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ عَنِ الْكَفَّارَةِ بِشَرْطٍ.
وَإِعْتَاقُ الْجَانِي عَنِ الْكَفَّارَةِ يُبْنَى عَلَى نُفُوذِ إِعْتَاقِهِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْبَيْعِ. وَقِيلَ: لَا يُجْزِئُ الْمَرْهُونُ وَالْجَانِي عَنِ الْكَفَّارَةِ وَإِنْ قُلْنَا بِنُفُوذِ الْعِتْقِ، لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِمَا، وَنُقْصَانِ التَّصَرُّفَاتِ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ إِذَا نَفَّذْنَاهُ رَفَعَ حَقَّ تَعَلُّقِ الْغَيْرِ، وَرَجَعَ إِلَى الْفِدَاءِ، وَالْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ لَا يُجْزِئُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْوَصِيَّةِ، وَالْمُسْتَأْجَرُ إِنْ قُلْنَا: يَرْجِعُ عَلَى السَّيِّدِ بِأُجْرَةِ مَنَافِعِهِ، أَجْزَأَهُ، وَإِلَّا فَلَا، لِنُقْصَانِ مَنَافِعِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute