، لَزِمَهُ الْعِوَضُ، وَإِنْ أَطْلَقَ، فَهَلْ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَبْدِ؟ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ فِي قَوْلِهِ: اقْضِ دَيْنِي وَلَمْ يُشْتَرَطِ الرُّجُوعُ، وَخَصَّ الْإِمَامُ وَالسَّرْخَسِيُّ هَذَا الْبِنَاءَ بِمَا إِذَا قَالَ: أَعْتِقُهُ عَنْ كَفَّارَتِي، فَإِنَّ الْعِتْقَ حَقٌّ ثَابِتٌ عَلَيْهِ كَالدَّيْنِ، فَأَمَّا إِذَا [قَالَ] : أَعْتِقُهُ عَنِّي وَلَا عِتْقَ عَلَيْهِ، أَوْ لَمْ يَقْصِدْ وُقُوعَهُ عَنْهُ، فَقَدْ أَطْلَقَ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَرَأَى الْإِمَامُ تَخْرِيجَهُ عَلَى أَنَّ الْهِبَةَ هَلْ تَقْتَضِي الثَّوَابَ؟ ثُمَّ سَوَاءٌ نَفَى الْعِوَضَ أَمْ أَثْبَتَهُ، يَقَعُ الْعِتْقُ عَلَى الْمُسْتَدْعِي. وَقَالَ الْمُزَنِيُّ: إِذَا قَالَ: أَعْتِقْهُ عَنِّي مَجَّانًا، فَفَعَلَ، لَا يَقَعُ عَلَى الْمُسْتَدْعِي، وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ بِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ عَنْهُ، فَصَارَ كَذِكْرِ الْعِوَضِ. وَقَالُوا: الْعِتْقُ بِعِوَضٍ صَارَ كَالْمَبِيعِ الْمَقْبُوضِ حَتَّى [اسْتَقَرَّ] عِوَضُهُ، فَكَذَلِكَ يُجْعَلُ عِنْدَ عَدَمِ الْعِوَضِ، كَالْمَوْهُوبِ الْمَقْبُوضِ، وَيُجْعَلُ الْقَبْضُ مُنْدَرِجًا تَحْتَ الْعِتْقِ لِقُوَّتِهِ، وَذَكَرُوا بِنَاءً عَلَى هَذَا، أَنَّ إِعْتَاقَ الْمَوْهُوبِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ جَائِزٌ.
وَلَوْ قَالَ: أَعْتِقْهُ عَنْ كَفَّارَتِي، أَوْ عَنِّي، وَنَوَى الْكَفَّارَةَ، فَأَجَابَهُ، أَجْزَأَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ، وَلَوْ قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدَكَ وَلَكَ عَلَيَّ كَذَا، وَلَمْ يَقُلْ: عَنْ نَفْسِكَ، وَلَا عَنِّي، فَهَلْ هُوَ كَقَوْلِهِ: عَنِّي لِقَرِينَتِهِ الْعِوَضَ، أَمْ كَقَوْلِهِ: عَنْكَ؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي «التَّهْذِيبِ» . وَلَوْ قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي وَلَكَ أَلْفٌ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لَكَ، فَفَعَلَ، قَالَ الْمُتَوَلِّي فِي بَابِ «الْخُلْعِ» : الْمَشْهُورُ مِنَ الْمَذْهَبِ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ يَفْسُدُ، وَيَقَعُ الْعِتْقُ عَنِ الْمُسْتَدْعِي، وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ.
وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ يُعْتَقُ عَنِ الْمَالِكِ، وَلَهُ الْوَلَاءُ. وَعَنِ الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي عَلَى أَلْفٍ، وَالْعَبْدُ مُسْتَأْجَرٌ أَوْ مَغْصُوبٌ، فَأَعْتَقَهُ، جَازَ، وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ مَغْصُوبًا. وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَقُ عَنْهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى انْتِزَاعِهِ، وَلَا يَخْرُجُ فِي الْمُسْتَأْجِرِ وَلَيْسَ عَلَى الْخِلَافِ فِي بَيْعِهِ، لِأَنَّ الْبَيْعَ يَحْصُلُ فِي ضِمْنِ الْإِعْتَاقِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الضِّمْنِيَّاتِ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْمَقَاصِدِ، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِ ابْنِي الصَّغِيرِ، فَفَعَلَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute