للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحَالُ، تَبَدَّلَ الْوَاجِبُ، كَمَا يَلْزَمُ الْقَادِرُ صَلَاةَ الْقَادِرِينَ، ثُمَّ إِذَا عَجَزَ، تَبَدَّلَتْ صِفَةُ الصَّلَاةِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ وَجْهَانِ، قَالَ الْأَكْثَرُونَ: يُعْتَبَرُ أَغْلَظُ أَحْوَالِهِ مِنْ وَقْتِ الْوُجُوبِ، إِلَى وَقْتِ الْأَدَاءِ فِي حَالٍ مَا، لَزِمَهُ الْإِعْتَاقُ. وَالثَّانِي: يُعْتَبَرُ الْأَغْلَظُ مِنْ حَالَتَيِ الْوُجُوبِ وَالْأَدَاءِ دُونَ مَا بَيْنَهُمَا، صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ، وَأَشَارَ إِلَى دَعْوَى اتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ. فَإِذَا قُلْنَا: الِاعْتِبَارُ بِحَالِ الْوُجُوبِ، فَكَانَ مُوسِرًا وَقْتَ الْوُجُوبِ، فَفَرْضُهُ الْإِعْتَاقُ وَإِنْ أَعْسَرَ بَعْدَهُ. وَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إِذَا أَعْسَرَ قَبْلَ التَّكْفِيرِ، أَنْ يَصُومَ لِيَكُونَ آتِيًا بِبَعْضِ أَنْوَاعِ الْكَفَّارَةِ إِنْ مَاتَ. وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا يَوْمَئِذٍ، فَفَرْضُهُ الصِّيَامُ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِعْتَاقُ وَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَهُ، لَكِنْ يُجْزِئُهُ عَلَى الصَّحِيحِ، لِأَنَّهُ أَعْلَى مِنَ الصَّوْمِ، وَقِيلَ: لَا يُجْزِئُهُ لِتَعَيُّنِ الصَّوْمِ فِي ذِمَّتِهِ. وَإِذَا قُلْنَا: الِاعْتِبَارُ بِحَالِ الْأَدَاءِ، فَكَانَ مُوسِرًا يَوْمَئِذٍ، فَفَرْضُهُ الْإِعْتَاقُ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، فَالصَّوْمُ.

وَلَوْ تَكَلَّفَ الْمُعْسِرُ الْإِعْتَاقَ بِاسْتِقْرَاضٍ وَغَيْرِهِ، أَجْزَأَهُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَلَوْ وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ عَلَى عَبْدٍ، فَعَتَقَ، وَأَيْسَرَ قَبْلَ التَّكْفِيرِ، فَإِنْ قُلْنَا: الِاعْتِبَارُ بِحَالِ الْوُجُوبِ، فَفَرْضُهُ الصَّوْمُ، وَيُجُزِئُهُ الْإِعْتَاقُ عَلَى الْأَصَحِّ أَوِ الْأَظْهَرِ، لِأَنَّهُ أَعْلَى. وَقِيلَ: لَا، لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ لَا يُمْلَكُ، وَإِنْ قُلْنَا: الِاعْتِبَارُ بِحَالِ الْأَدَاءِ، لَزِمَهُ الْإِعْتَاقُ عَلَى الْأَصَحِّ أَوِ الْأَظْهَرِ.

فَرْعٌ

لَوْ شَرَعَ الْمُعْسِرُ فِي الصَّوْمِ ثُمَّ أَيْسَرَ، كَانَ لَهُ الْمُضِيُّ فِي الصَّوْمِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِعْتَاقُ. فَإِنْ أَعْتَقَ، كَانَ أَفْضَلَ، وَوَقَعَ مَا مَضَى مِنْ صَوْمِهِ تَطَوُّعًا، وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَجْهًا، أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِعْتَاقُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُزَنِيِّ، وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجَمَاهِيرُ، الْأَوَّلُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ فَرْضُهُ الْإِطْعَامَ فَأَطْعَمَ بَعْضَ الْمَسَاكِينِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الصَّوْمِ، لَا يَلْزَمُهُ الْعُدُولُ إِلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>