للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَنْفِيِّ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ قَذْفٌ صَرِيحٌ كَمَا سَبَقَ. وَقَدْ يُقَالُ: إِذَا كَانَ أَحَدُ التَّفَاسِيرِ الْمَقْبُولَةِ أَنَّ الْمُلَاعِنَ نَفَاهُ، فَالِاسْتِلْحَاقُ بَعْدَ النَّفْيِ لَا يُنَافِي كَوْنَهُ نَفَاهُ، فَلَا يَبْعُدُ أَنْ لَا يُجْعَلَ صَرِيحًا، وَيُقْبَلُ التَّفْسِيرُ بِهِ.

قُلْتُ: هَذَا الَّذِي أَوْرَدَهُ الرَّافِعِيُّ، حَسَنٌ مِنْ وَجْهٍ، ضَعِيفٌ مِنْ وَجْهٍ، فَحُسْنُهُ فِي قَبُولِ التَّفْسِيرِ، وَضَعْفُهُ فِي قَوْلِهِ: لَيْسَ بِصَرِيحٍ، وَالرَّاجِحُ فِيهِ مَا قَالَهُ صَاحِبُ «الْحَاوِي» فَقَالَ: هُوَ قَذْفٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَنَحُدُّهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ نَسْأَلَهُ مَا أَرَادَ. فَإِنِ ادَّعَى احْتِمَالًا مُمْكِنًا، كَقَوْلِهِ: لَمْ يَكُنِ ابْنَهُ حِينَ نَفَاهُ، قُبِلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ، وَلَا حَدَّ. قَالَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَ الِاسْتِلْحَاقِ، فَإِنَّا لَا نَحُدُّهُ هُنَاكَ حَتَّى نَسْأَلَهُ، لِأَنَّ لَفْظَهُ كِنَايَةٌ، فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَدٌّ إِلَّا بِالنِّيَّةِ، وَهُنَا ظَاهِرُ لَفْظِهِ الْقَذْفُ، فَحُدَّ بِالظَّاهِرِ إِلَّا أَنْ يَذْكُرَ مُحْتَمَلًا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَرْعٌ

قَالَ لِقُرَشِيٍّ: لَسْتَ مِنْ قُرَيْشٍ، أَوْ يَا نَبَطِيُّ، أَوْ قَالَ لِتُرْكِيٍّ: يَا هِنْدِيُّ، أَوْ بِالْعَكْسِ، وَقَالَ: أَرَدْتُ أَنَّهُ لَا يُشْبِهُ مَنْ يَنْتَسِبُ إِلَيْهِ فِي الْأَخْلَاقِ، أَوْ أَنَّهُ تُرْكِيُّ الدَّارِ وَاللِّسَانِ، صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، فَإِنِ ادَّعَتْ أُمُّ الْمَقُولِ لَهُ أَنَّهُ أَرَادَ قَذْفَهَا، وَنَكَلَ الْقَاذِفُ، وَحَلَفَتْ هِيَ، وَجَبَ لَهَا الْحَدُّ أَوِ التَّعْزِيرُ، وَإِنْ أَرَادَ الْقَذْفَ، فَمُطْلَقُهُ مَحْمُولٌ عَلَى أُمِّ الْمَقُولِ لَهُ.

فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ أَنَّ وَاحِدَةً مِنْ جَدَّاتِهِ زَنَتْ، نُظِرَ، إِنْ عَيَّنَهَا، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ أَوِ التَّعْزِيرُ، وَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ جَدَّةً لَا بِعَيْنِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَوِ الْإِسْلَامِ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَحَدُ أَبَوَيْكَ زَانٍ، أَوْ فِي السِّكَّةِ زَانٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ، وَلَكِنْ يُعَزَّرُ لِلْأَذَى، فَإِنْ كَذَّبَتْهُ أُمُّ الْمَقُولِ لَهُ، فَلَهَا تَحْلِيفُهُ، هَكَذَا أَطْلَقَهُ الْغَزَالِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَالْأَئِمَّةُ، وَفِي التَّجْرِبَةِ لِلرُّويَانِيِّ، أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِعَلَوِيٍّ: لَسْتَ ابْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَقَالَ: أَرَدْتُ لَسْتَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>