فَرْعٌ
قَالَ الْبَغَوِيُّ: الْكَافِرُ إِذَا كَانَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ، فَغَصَبَ امْرَأَةً وَوَطِئَهَا ظَانًّا حِلَّهَا، لَا تَبْطُلُ حَصَانَتُهُ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَجِيءَ فِيهِ الْخِلَافُ فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ.
قُلْتُ: لَا بُدَّ مِنْ مَجِيءِ الْخِلَافِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مُقَدِّمَاتُ الزِّنَا كَالْقُبْلَةِ وَاللَّمْسِ وَغَيْرِهِمَا لَا تُؤَثِّرُ فِي الْحَصَانَةِ بِحَالٍ، وَلِلشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ فِيهَا احْتِمَالٌ.
قُلْتُ: وَمِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا، لَوِ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَطِئَهَا فَخَرَجَتْ مُسْتَحِقَّةً، فَفِي بُطْلَانِ حَصَانَتِهِ وَجْهَانِ فِي «الْإِبَانَةِ» وَ «الْمُهَذَّبِ» ، وَهُوَ مِنْ أَقْسَامِ الشُّبْهَةِ، فَيَكُونُ الرَّاجِحُ بَقَاءَ الْحَصَانَةِ. وَلَوْ نَكَحَ مَجُوسِيٌّ أَمَةً وَوَطِئَهَا ثُمَّ أَسْلَمَ، قَالَ الْبَغَوِيُّ: لَا تَبْطُلُ حَصَانَتُهُ، وَقَالَ الْفُورَانِيُّ: تَبْطُلُ، وَالْأَوَّلُ أَفْقَهُ، لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ. وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْوَطْءِ، فَفِي بُطْلَانِ حَصَانَتِهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْفُورَانِيُّ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ، لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ تَارِكًا لِلِاحْتِيَاطِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَذَفَ عَفِيفًا فِي الظَّاهِرِ، فَزَنَا الْمَقْذُوفُ قَبْلَ أَنْ يُحَدَّ الْقَاذِفُ، سَقَطَ الْحَدُّ عَنِ الْقَاذِفِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَفِيهِ قَوْلٌ قَدِيمٌ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُزَنِيِّ، وَلَوِ ارْتَدَّ الْمَقْذُوفُ قَبْلَ الْحَدِّ، لَمْ يَسْقُطْ عَلَى الصَّحِيحِ، فَعَلَى الْمَشْهُورِ، لَوْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ زَنَتَ، سَقَطَ الْحَدُّ عَنْهُ وَاللِّعَانُ، فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ وَأَرَادَ نَفْيَهُ، فَلَهُ اللِّعَانُ، وَلَوْ سَرَقَ الْمَقْذُوفُ أَوْ قُتِلَ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ الْحَدَّ، لَمْ يَسْقُطْ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَعَنِ ابْنِ الْقَطَّانِ حِكَايَةُ وَجْهَيْنِ فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute