للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الزِّنَا، فَلَيْسَ لَهُ نَفْيُهُ. وَهَلْ لَهُ الْقَذْفُ وَاللِّعَانُ؟ حَكَى الْإِمَامُ عَنِ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْقَاضِي، أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَالَ: وَالْقِيَاسُ جَوَازُهُ لِجَوَازِ الْقَذْفِ إِذَا تَيَقَّنَ الزِّنَا وَلَا وَلَدَ، انْتِقَامًا مِنْهَا، فَحَصَلَ وَجْهَانِ، الصَّحِيحُ: الْمَنْعُ، لِأَنَّ اللِّعَانَ حُجَّةٌ ضَرُورِيَّةٌ، إِنَّمَا يُصَارُ إِلَيْهَا لِدَفْعِ النَّسَبِ، أَوْ قَطْعِ النِّكَاحِ حَيْثُ لَا وَلَدَ، خَوْفًا مِنْ أَنْ يَحْدُثَ وَلَدٌ عَلَى الْفِرَاشِ الْمُلَطَّخِ، وَقَدْ حَصَلَ الْوَلَدُ هُنَا، فَلَمْ يَبْقَ فَائِدَةٌ، وَلِأَنَّ فِي إِثْبَاتِ زِنَاهَا تَعْيِيرَ الْوَلَدِ، وَإِطْلَاقَ الْأَلْسُنَةِ فِيهِ، وَلَا يُحْتَمَلُ ذَلِكَ لِغَرَضِ الِانْتِقَامِ مَعَ إِمْكَانِ الْفِرَاقِ بِالطَّلَاقِ.

قُلْتُ: هَذَا النَّقْلُ عَنِ الْعِرَاقِيِّينَ مُطْلَقًا غَيْرُ مَقْبُولٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ، فَقَدْ قَالَ صَاحِبُ «الْمُهَذَّبِ» : إِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ، بِأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ يَعْزِلُ عَنْهَا، أَوْ رَأَى فِيهِ شَبَهَ الزَّانِي، لَزِمَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ، يَعْنِي بَعْدَ قَذْفِهَا، وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ، لَمْ يَنْفِهِ. وَقَالَ صَاحِبُ «الْحَاوِي» : إِذَا وَطِئَهَا وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا وَرَآهَا تَزْنِي، فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ اللِّعَانِ بَعْدَ الْقَذْفِ، أَوْ بِالْإِمْسَاكِ. فَأَمَّا نَفْيُ الْوَلَدِ، فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ، نَفَاهُ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ مِنْهُ، لَمْ يَجُزْ نَفْيُهُ، وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ، جَازَ أَنْ يُغَلِّبَ حُكْمَ الشَّبَهِ، وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ الْجَارِي عَلَى قَاعِدَةِ الْبَابِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الْبَابُ الثَّالِثُ فِي ثَمَرَةِ اللِّعَانِ، وَشُرُوطِهِ، وَصِفَتِهِ، وَأَحْكَامِهِ

فِيهِ أَطْرَافٌ.

الْأَوَّلُ: فِي ثَمَرَاتِ اللِّعَانِ، وَهِيَ نَفْيُ النَّسَبِ وَقَطْعُ النِّكَاحِ، وَتَحْرِيمُهَا مُؤَبَّدًا، وَدَفْعُ الْمَحْذُورِ الَّذِي يَلْحَقُهُ بِالْقَذْفِ، وَإِثْبَاتُ حَدِّ الزِّنَا عَلَيْهَا.

قُلْتُ: وَمِنَ الثَّمَرَاتِ: سُقُوطُ حَدِّ قَذْفِ الزَّانِي بِهَا عَنِ الزَّوْجِ إِنْ سَمَّاهُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>