رِوَايَةِ الْمُزَنِيِّ: عُزِّرَ إِنْ طَلَبَتْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَلْتَعِنْ، وَفِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ: يُعَزَّرُ إِنْ طَلَبَتْ ذَلِكَ إِنْ لَمْ يَلْتَعِنْ. وَلِلْأَصْحَابِ طُرُقٌ، أَشْهَرُهَا قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: لَا يُلَاعِنُ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَبِهِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَالْقَاضِي أَبُو حَامِدٍ: لَا يُلَاعِنُ قَطْعًا، وَرَدَّ رِوَايَةَ الرَّبِيعِ. وَالثَّالِثُ: يُلَاعِنُ قَطْعًا، وَتَأَوَّلَ رِوَايَةَ الْمُزَنِيِّ. وَالرَّابِعُ: إِنَّ قَذْفَهَا بِزِنًا أَضَافَهُ إِلَى مَا قَبْلَ الزَّوْجِيَّةِ وَأَثْبَتَهُ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ قَذَفَهَا بِهِ، لَمْ يُلَاعِنْ، وَإِنْ قَذَفَهَا بِزِنًا فِي الزَّوْجِيَّةِ، وَأَثْبَتَهُ بِبَيِّنَةٍ، ثُمَّ قَذَفَهَا بِهِ، لَاعَنَ، وَحَمَلَ النَّصَّيْنِ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ ظَاهَرُ نَصِّهِ فِي الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهُ لَا يُعَزَّرُ إِلَّا بِطَلَبِهَا. وَحَكَى الْإِمَامُ وَجْهًا: أَنَّهُ يُعَزِّرُهُ السُّلْطَانُ سِيَاسَةً وَإِنْ لَمْ تَطْلُبْ، كَمَا يُعَزِّرُ مَنْ يَقُولُ: النَّاسُ زُنَاةٌ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ الْخِلَافِ، إِنَّمَا مَوْضِعُهُ مَا إِذَا أَضَافَ الزِّنَا إِلَى حَالَةٍ لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ، بِأَنْ قَالَ: زَنَيْتِ وَأَنْتِ بِنْتُ شَهْرٍ، لِأَنَّ الْمُحَالَ لَا يَتَأَدَّى مِنْهُ.
قُلْتُ: وَفِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقٌ خَامِسٌ اخْتَارَهُ صَاحِبُ «الْحَاوِي» ، وَحَكَاهُ الشَّاشِيُّ: إِنْ كَانَ ثَمَّ وَلَدٌ، لَاعَنَ، وَإِلَّا فَلَا، وَحَمَلَ النَّصَّيْنِ عَلَيْهِمَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
قَدْ سَبَقَ أَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ يُسْتَوْفَى بِطَلَبِ الْمَقْذُوفِ، وَفِي التَّعْزِيرِ هَذَا التَّفْصِيلُ السَّابِقُ قَبْلَ الْفَرْعِ، ثُمَّ مَا كَانَ مِنْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ مُعَلَّقًا بِطَلَبِ شَخْصٍ، سَقَطَ بِعَفْوِهِ إِذَا كَانَ أَهْلًا لِلْعَفْوِ. فَلَوْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ، فَعَفَتْ عَنِ الْحَدِّ وَلَا وَلَدَ، فَلَيْسَ لَهُ اللِّعَانُ عَلَى الصَّحِيحِ، لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ ثَبَتَ زِنَاهَا بِبَيِّنَةٍ، أَوْ صَدَّقَتْهُ وَلَا وَلَدَ، فَلَوْ سَكَتَ فَلَمْ تَطْلُبِ الْحَدَّ وَلَمْ تَعْفُ، فَلَيْسَ لَهُ اللِّعَانُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِمَا ذَكَرْنَا. وَلَوْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ أَوِ الْمَجْنُونَةَ، فَقِيلَ: لَهُ اللِّعَانُ فِي الْحَالِ لِيَسْقُطَ التَّعْزِيرُ، وَالْأَصَحُّ انْتِظَارُ بُلُوغِهَا وَعَقْلِهَا وَطَلَبِهَا التَّعْزِيرَ. وَلَوْ قَذَفَهَا عَاقِلَةً فَجُنَّتْ، أَوْ فِي جُنُونِهَا بِزِنًا أَضَافَهُ إِلَى حَالَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute