رَضِيَتْ، حَكَمْنَا فِي حَقِّهَا بِمَا نَحْكُمُ بِهِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمَةِ. وَلِلْأَصْحَابِ طَرِيقَانِ، الصَّحِيحُ مِنْهُمَا أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الذِّمِّيَّيْنِ إِذَا تَرَافَعَا إِلَيْنَا، هَلْ يَجِبُ الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا؟ وَقَدْ سَبَقَا فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ، إِنْ أَوْجَبْنَا الْحُكْمَ، حَدَّدْنَاهَا إِنْ لَمْ تُلَاعِنْ، وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهَا، وَإِنْ لَمْ نُوجِبْهُ، لَمْ نَحُدَّهَا حَتَّى تَرْضَى بِحُكْمِنَا، وَعَلَى هَذَا الطَّرِيقِ، سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: لَا يَجْرِي عَلَيْهَا الْحُكْمُ حَتَّى تَرْضَى قَطْعًا.
وَلَوْ قَذَفَهَا زَوْجُهَا الذِّمِّيُّ، وَتَرَافَعَا، وَلَمْ يَرْضَ الزَّوْجُ بِحُكْمِنَا، وَطَلَبَتْهُ الْمَرْأَةُ، فَهَلْ يُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى اللِّعَانِ وَيُعَزَّرُ إِنْ لَمْ يُلَاعِنْ، أَمْ يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى رِضَاهُ؟ فِيهِ الْقَوْلَانِ فِي وُجُوبِ الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ، وَلَا يَجِيءُ الطَّرِيقُ الثَّانِي. وَلَوْ قَذَفَهَا زَوْجُهَا الْمُسْلِمُ، وَلَاعَنَ، فَذَاكَ، وَإِنِ امْتَنَعَ، وَطَلَبَتِ التَّعْزِيرَ، اسْتَوْفَاهُ الْحَاكِمُ.
ثُمَّ الْوَاجِبُ عَلَى الذِّمِّيِّ فِي قَذْفِ الذِّمِّيَّةِ، التَّعْزِيرُ إِنْ كَانَ مِثْلَهَا، كَمَا أَنَّ الْوَاجِبَ بِقَذْفِ الرَّقِيقَةِ، التَّعْزِيرُ وَإِنْ قَذَفَهَا رَقِيقٌ.
الشَّرْطُ الثَّانِي: الزَّوْجِيَّةُ، فَلَا لِعَانَ لِأَجْنَبِيٍّ، فَلَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيَّةً بَعْدَ أَنْ قَذَفَهَا، أَوْ قَذَفَهَا فِي عِدَّةِ الرَّجْعَةِ، فَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَهَا كَمَا يُطَلِّقُهَا، وَيُظَاهِرُ وَيُؤْلِي. وَيَصِحُّ لِعَانُهُ فِي الْحَالِ، وَتَتَرَتَّبُ أَحْكَامُهُ.
وَلَوِ ارْتَدَّ بَعْدَ الدُّخُولِ ثُمَّ قَذَفَهَا وَأَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ، فَلَهُ اللِّعَانُ، وَلَوْ لَاعَنَ فِي الرِّدَّةِ، ثُمَّ أَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ، وَقَعَ اللِّعَانُ فِي النِّكَاحِ، فَيَصِحُّ وَيَقَعُ مَوْقِعَهُ، لِأَنَّ الْكَافِرَ يَصِحُّ لِعَانُهُ، وَإِنْ أَصَرَّ حَتَّى مَضَتِ الْعِدَّةُ، تَبَيَّنَّا وُقُوعَهُ فِي حَالِ الْبَيْنُونَةِ، فَإِنْ كَانَ وَلَدٌ وَنَفَاهُ بِاللِّعَانِ، نَفَذَ، وَإِلَّا تَبَيَّنَّا فَسَادَهُ، وَلَا يَنْدَفِعُ حَدُّ الْقَذْفِ عَنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَبِهِ أَجَابَ ابْنُ الْحَدَّادِ.
فَرْعٌ
وَطِئَ امْرَأَةً فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ شُبْهَةٍ، بِأَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ، ثُمَّ قَذَفَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute