للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِأَنَّ فِيهِ عَارًا وَإِيذَاءً، فَإِنْ كَانَ وَلَدٌ لَاعَنَ لِنَفْيِهِ، وَإِلَّا فَيُلَاعِنُ أَيْضًا عَلَى الْمَذْهَبِ. وَلَوْ عَيَّنَ الزَّانِيَ فَقَالَ: زَنَى بِكِ فُلَانٌ وَأَنْتِ مُكْرَهَةٌ، أَوْ قَالَ: قَهَرَكِ فُلَانٌ فَزَنَى بِكِ، لَزِمَهُ الْحَدُّ لِقَذْفِهِ، وَلَهُ إِسْقَاطُهُ بِاللِّعَانِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ، وَأَجْنَبِيَّةً بِكَلِمَةٍ، فَإِنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إِسْقَاطِ حَدِّ الْأَجْنَبِيَّةِ بِاللِّعَانِ، لِأَنَّ فِعْلَهَا يَنْفَكُّ عَنْ فِعْلِ الْأَجْنَبِيَّةِ، وَلَا يَنْفَكُّ عَنْ فِعْلِ الزَّانِي بِهَا.

وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: وَطِئْتِ بِشُبْهَةٍ، فَفِي وُجُوبِ التَّعْزِيرِ عَلَيْهِ لَهَا الْوَجْهَانِ فِيمَا لَوْ نَسَبَهَا إِلَى الزِّنَا مُكْرَهَةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ، فَلَهُ اللِّعَانُ لَنَفْيِ التَّعْزِيرِ إِنْ أَوْجَبْنَاهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَ وَلَدٌ، فَطَرِيقَانِ:

أَحَدُهُمَا: فِي جَوَازِ اللِّعَانِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْجَوَازُ، إِلَّا أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُلَاعِنْ، لَحِقَهُ الْوَلَدُ وَلَمْ يُلَاعِنْ لِلْقَذْفِ.

وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ: أَنَّهُ إِنْ لَمْ يُعَيِّنِ الْوَاطِئَ بِالشُّبْهَةِ، أَوْ عَيَّنَ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ، لَحِقَ الْوَلَدُ بِالنِّكَاحِ، وَلَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ، وَإِنْ صَدَّقَهُ وَادَّعَى الْوَلَدَ، عُرِضَ عَلَى الْقَافَةِ. فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِذَلِكَ الْمُعَيَّنِ، لَحِقَهُ وَلَا لِعَانَ، وَإِلَّا فَيَلْحَقُ الزَّوْجَ، وَلَيْسَ لَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ، لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ يَنْتَفِي بِهِ، وَهُوَ أَنْ يُلْحِقَهُ الْقَافَةُ بِذَلِكَ الْمُعَيَّنِ، وَإِنَّمَا يُنْفَى بِاللِّعَانِ مَنْ لَا يُمْكِنُ نَفْيُهُ بِطَرِيقٍ آخَرَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ، تُرِكَ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّبِيُّ فَيَنْتَسِبُ إِلَى أَحَدِهِمَا، فَإِنِ انْتَسَبَ إِلَى ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ، انْقَطَعَ نَسَبُهُ عَنِ الزَّوْجِ بِلَا لِعَانٍ، وَإِنِ انْتَسَبَ إِلَى الزَّوْجِ، فَلَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ نَفْيُهُ بِغَيْرِ اللِّعَانِ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ.

وَلَوْ قَالَ: زَنَيْتِ بِفُلَانٍ وَهُوَ غَيْرُ زَانٍ، بَلْ ظَنُّكَ زَوْجَتَهُ، فَهُوَ قَاذِفٌ لَهَا، فَلَهُ إِسْقَاطُ الْحَدِّ بِاللِّعَانِ، وَالْوَلَدُ الْمَنْسُوبُ إِلَى ذَلِكَ الْوَاطِئِ مَنْسُوبٌ إِلَى وَطْءِ شُبْهَةٍ، فَإِنْ صَدَّقَهُ فُلَانٌ، عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ، وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: لَيْسَ هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي، فَعَنْ صَاحِبِ «التَّقْرِيبِ» حِكَايَةً تَرَدُّدٌ فِي جَوَازِ اللِّعَانِ، وَقَطَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>