النِّكَاحِ، وَقَالَتْ: بَعْدَهُ، فَهُوَ الْمُصَدَّقُ أَيْضًا، وَلَوْ قَالَ: قَذَفْتُكِ وَأَنْتِ زَوْجَتِي، فَقَالَتْ: مَا تَزَوَّجْتُكَ (قَطُّ) فَهِيَ الْمُصَدَّقَةُ بِيَمِينِهَا.
الثَّانِيَةُ: قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ: قَذَفْتُكِ وَأَنْتِ أَمَةٌ أَوْ مُشْرِكَةٌ أَوْ مَجْنُونَةٌ فَقَالَتْ: بَلْ وَأَنَا حُرَّةٌ مُسْلِمَةٌ عَاقِلَةٌ. فَإِنْ عُلِمَ لَهَا حَالُ رِقٍّ أَوْ كُفْرٍ أَوْ جُنُونٍ، صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا التَّعْزِيرُ. وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ، فَأَيُّهُمَا يُصَدَّقُ؟ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: الْمَرْأَةُ. وَلَوْ قَالَ: وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ، فَهُوَ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ. وَلَوْ قَالَ لِمَنْ قَذَفَهُ مِنْ زَوْجَتِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ: قَذَفْتُكِ وَأَنَا مَجْنُونٌ، فَهَلْ يُصَدَّقُ الْقَاذِفُ بِيَمِينِهِ، أَمِ الْمَقْذُوفُ، أَمْ يُفَرَّقُ؟ فَإِنْ عُهِدَ لَهُ جُنُونٌ، صُدِّقَ الْقَاذِفُ، وَإِلَّا، فَالْمَقْذُوفُ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:
أَظْهَرُهَا: الْفَرْقُ. وَلَوْ قَالَ: قَذَفْتُكِ وَأَنَا صَبِيٌّ، فَهُوَ كَالْمَجْنُونِ الْمَعْهُودِ، وَلَوْ قَالَ: جَرَى الْقَذْفُ عَلَى لِسَانِي وَأَنَا نَائِمٌ، لَمْ يُقْبَلْ لِبُعْدِهِ. وَلَوْ أَقَامَ الْقَاذِفُ بَيِّنَةً أَنَّ الْقَذْفَ كَانَ فِي الصِّغَرِ أَوِ الْجُنُونِ، وَأَقَامَ الْمَقْذُوفُ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ فِي حَالِ الْكَمَالِ، فَإِنْ كَانَتِ الْبَيِّنَتَانِ مُطْلَقَتَيْنِ، أَوْ مُخْتَلِفِي التَّارِيخِ، أَوْ إِحْدَاهُمَا مُطْلَقَةً، وَالْأُخْرَى مُؤَرَّخَةً، فَهُمَا قَذْفَانِ، وَعَلَيْهِ الْحَدُّ لِمَا وَقَعَ فِي حَالَةِ الْكَمَالِ. وَإِنِ اتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا، تَعَارَضَتَا. وَفِي التَّعَارُضِ أَقْوَالٌ مَعْرُوفَةٌ.
قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا يَجِيءُ هُنَا الْقِسْمَةُ وَلَا الْوَقْفُ، وَحُكِيَ عَنِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ قَوْلُ الْقُرْعَةِ، وَاسْتَبْعَدَهُ وَقَالَ: الْوَجْهُ الْقَطْعُ بِالتَّهَاتِرِ، فَيَكُونُ كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ، وَبِهَذَا قَطَعَ الْبَغَوِيُّ. وَحَيْثُ صَدَّقْنَا الْقَاذِفَ بِيَمِينِهِ، فَلَوْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْمَقْذُوفُ، وَجَبَ الْحَدُّ عَلَى الْقَاذِفِ، وَيَجُوزُ اللِّعَانُ فِي الزَّوْجَةِ.
الثَّالِثَةُ: إِذَا صَدَّقَتْهُ فِي الْقَذْفِ، وَاعْتَرَفَتْ بِالزِّنَا بَعْدَ لِعَانِ الزَّوْجِ، تَأَكَّدَ لِعَانُهُ، فَإِنْ كَانَتْ لَاعَنَتْ، فَعَلَيْهَا حَدُّ الزِّنَا لِاعْتِرَافِهَا، إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ عَنِ الْإِقْرَارِ، وَإِنْ صَدَّقَتْهُ قَبْلَ لِعَانِهِ، أَوْ فِي أَثْنَائِهِ، سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ، وَوَجَبَ عَلَيْهَا حَدُّ الزِّنَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute