أَقْصَى الْيَأْسِ مَا رَأَتْهُ، وَيَعْتَبِرُ بَعْدَ ذَلِكَ غَيْرُهَا بِهَا، ثُمَّ إِنْ لَمْ يُعَاوِدْهَا الدَّمُ، رَجَعَتْ إِلَى الْأَشْهُرِ. وَهَلْ تُؤْمَرُ بِالتَّرَبُّصِ قَبْلَهَا تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، أَوْ أَرْبَعَ سِنِينَ؟ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، اسْتِظْهَارًا، وَأَصَحُّهُمَا: لَا، لِأَنَّهَا بَلَغَتِ الْيَأْسَ. ثُمَّ فِي التَّتِمَّةِ، أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِشَهْرَيْنِ، بَدَلًا عَنْ قُرْأَيْنِ، وَالَّذِي صَحَّحَهُ الْأَئِمَّةُ وَحَكُوهُ عَنِ الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ، أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ تَسْتَأْنِفُهَا. وَلَا يَجِيءُ فِي الْبِنَاءِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي تَفْرِيعِ الْقَدِيمِ، لِأَنَّهُ فِي الْقَدِيمِ تَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ، وَهُنَا يُطْلَبُ الْيَقِينُ أَوِ الْقُرْبُ مِنْهُ. فَإِذَا رَأَتِ الدَّمَ، بَطَلَ مَا ظَنَنَّاهُ يَأْسًا، وَبَطَلَ مَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مِنَ الْعِدَّةِ، فَوَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ.
وَأَمَّا إِذَا رَأَتِ الدَّمَ بَعْدَ تَمَامِ الْأَشْهُرِ، فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. أَحُدُهَا: لَا يَلْزَمُهَا الْعَوْدُ إِلَى الْأَقْرَاءِ، بَلِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، كَمَا لَوْ حَاضَتِ الصَّغِيرَةُ بَعْدَ الْأَشْهُرِ. وَالثَّانِي: يَلْزَمُهَا، لِأَنَّهُ بَانَ أَنَّهَا لَيْسَتْ آيِسَةً، بِخِلَافِ الصَّغِيرَةِ، فَإِنَّهَا بِرُؤْيَةِ الْحَيْضِ لَا تَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهَا وَقْتَ الِاعْتِدَادِ مِنَ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ، وَهَذَا أَصَحُّ عِنْدَ الْبَغَوِيِّ. وَالثَّالِثُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ فِيمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْأَكْثَرِينَ: إِنْ كَانَتْ نُكِحَتْ بَعْدَ الْأَشْهُرِ، فَقَدْ تَمَّتِ الْعِدَّةُ، وَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ، وَإِلَّا لَزِمَهَا الْأَقْرَاءُ، وَقَطَعَ صَاحِبَا التَّتِمَّةِ وَالشَّامِلِ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ.
النَّوْعُ الثَّالِثُ: الْحَمْلُ.
قَدْ سَبَقَ أَنْ عِدَّةَ الطَّلَاقِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: الْأَقْرَاءُ، وَالْأَشْهُرُ، وَقَدْ مَضَيَا، وَالْتَفَّ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ، وَالثَّالِثُ: هُوَ الْحَمْلُ، وَيُشْتَرَطُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِهِ شَرْطَانِ، أَحَدُهُمَا: كَوْنُهُ مَنْسُوبًا إِلَى مَنِ الْعِدَّةِ مِنْهُ. إِمَّا ظَاهِرًا، وَإِمَّا احْتِمَالًا، كَالْمَنْفِيِّ بِاللِّعَانِ. فَإِذَا لَاعَنَ حَامِلًا وَنَفَى الْحَمْلَ، انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوَضْعِهِ لِإِمْكَانِ كَوْنِهَا مِنْهُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي الْعِدَّةِ إِذَا تَحَقَّقَ الْإِمْكَانُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute