مِنْ طَلَاقِ الْأَوَّلِ، لَمْ يَلْحَقْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، فَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا عَادَ الْخِلَافُ فِي أَنَّهَا هَلْ هِيَ فِرَاشٌ. وَإِذَا نَفَيْنَاهُ عَنْهُمَا، فَعَنِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ: أَنَّهُ لَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِوَضْعِهِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، بَلْ بَعْدَ الْوَضْعِ تُكْمِلُ الْعِدَّةَ عَنِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ تَعْتَدُّ عَنِ الثَّانِي. قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: وَقِيَاسُ مَا ذَكَرْنَا، فِيمَا إِذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِالْوِلَادَةِ فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ بَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ، أَنَّ الثَّانِيَ لَا يَلْحَقُهُ، وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِوَضْعِهِ أَنْ نَقُولَ هُنَا: تَنْقَضِي الْعِدَّةُ عَنْ أَحَدِهِمَا.
ثُمَّ مُدَّةُ الْإِمْكَانِ مِنَ الزَّوْجِ الثَّانِي، هَلْ تُحْسَبُ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، أَمْ مِنْ وَقْتِ الْوَطْءِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي، وَبِالْأَوَّلِ قَالَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ. وَيَقْرُبُ مِنْ هَذَا الْخِلَافِ الْخِلَافُ فِي أَنَّ الْعِدَّةَ فِي نِكَاحِ الْفَاسِدِ، هَلْ تُحْسَبُ مِنْ آخِرِ وَطْءٍ فِيهِ، أَمْ مِنْ وَقْتِ التَّفْرِيقِ؟ وَالْأَصَحُّ مِنَ التَّفْرِيقِ، لِأَنَّ الْفِرَاشَ حِينَئِذٍ يَزُولُ، وَالتَّفْرِيقُ بِأَنْ يُفَرِّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا.
وَفِي مَعْنَاهُ: مَا إِذَا اتَّفَقَ الزَّوْجَانِ عَلَى الْمُفَارَقَةِ، وَمَا إِذَا مَاتَ الزَّوْجُ عَنْهَا أَوْ طَلَّقَهَا وَهُوَ يَظُنُّ الصِّحَّةَ، وَلَوْ غَابَ عَنْهَا عَلَى عَزْمٍ أَنْ يَعُودَ إِلَيْهَا، لَمْ تُحْسَبْ مُدَّةُ الْغَيْبَةِ مِنَ الْعِدَّةِ، وَلَوْ عَزَمَ أَنْ لَا يَعُودَ، حُسِبَتْ.
وَخَرَجَ عَلَى الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ، أَنَّ لُحُوقَ الْوَلَدِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، هَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى إِقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ كَمَا فِي مِلْكِ الْيَمِينِ، أَمْ يَكْفِي فِيهِ مُجَرَّدُ الْعَقْدِ كَالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ؟ وَأَمَّا إِذَا أَحْوَجْنَاهُ إِلَى الْإِقْرَارِ بِالْوَطْءِ، فَهَلْ يَنْتَفِي الْوَلَدُ بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ كَمِلْكِ الْيَمِينِ، أَمْ لَا يَنْتَفِي بِاللِّعَانِ؟ وَالْأَصَحُّ الثَّانِي. وَلَوْ وُطِئَتْ بِالشُّبْهَةِ فِي الْعِدَّةِ فَوَلَدَتْ لِلْإِمْكَانِ مِنَ الزَّوَاجِ وَالْوَاطِئِ، عُرِضَ الْوَلَدُ عَلَى الْقَائِفِ، كَمَا ذَكَرْنَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ. وَلَوْ وُطِئَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَهَلْ هُوَ كَالنِّكَاحِ الثَّانِي فِي قَطْعِ فِرَاشِ الْأَوَّلِ؟ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا، بَلْ يُعْرَضُ الْوَلَدُ عَلَى الْقَائِفِ، وَأَصَحُّهُمَا:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute