الْبَابُ الثانِي فِي اجْتِمَاعِ عِدَّتَيْنِ
قَدْ يَجْتَمِعَانِ عَلَيْهَا لِشَخْصٍ، وَقَدْ يَكُونَانِ لِشَخْصَيْنِ.
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: إِذَا كَانَتَا لِشَخْصٍ، فَيُنْظَرُ، إِنْ كَانَتَا مَنْ جِنْسٍ، بِأَنْ طَلَّقَهَا وَشَرَعَتْ فِي الْعِدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ أَوِ الْأَشْهُرِ، ثُمَّ وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ جَاهِلًا إِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَجَاهِلًا، أَوْ عَالِمًا إِنْ كَانَ رَجْعِيًّا، تَدَاخَلَتِ الْعِدَّتَانِ، وَمَعْنَى التَّدَاخُلِ، أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ، أَوْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْوَطْءِ، وَيَنْدَرِجُ فِيهَا بَقِيَّةُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ. وَقَدْرُ تِلْكَ الْبَقِيَّةِ، يَكُونُ مُشْتَرِكًا وَاقِعًا عَنِ الْجِهَتَيْنِ، وَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي قَدْرِ الْبَقِيَّةِ إِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، وَلَا رَجْعَةَ بَعْدَهَا، وَيَجُوزُ تَجْدِيدُ النِّكَاحِ فِي تِلْكَ الْبَقِيَّةِ وَبَعْدَهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ عَدَدُ الطَّلَاقِ مُسْتَوْفًى، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ.
وَحَكَى أَبُو الْحَسَنِ الْعَبَّادِيُّ عَنِ الْحَلِيمِيِّ، أَنَّ عِدَّةَ الطَّلَاقِ تَنْقَطِعُ بِالْوَطْءِ، وَيَسْقُطُ بَاقِيهَا، وَتَتَمَحَّضُ الْعِدَّةُ الْوَاجِبَةُ عَنِ الْوَطْءِ. قَالَ: وَقِيَاسُهُ أَنْ لَا تَثْبُتَ الرَّجْعَةُ فِي الْبَقِيَّةِ، وَلَكِنْ مَنَعْنَا مِنْهُ بِالْإِجْمَاعِ. وَقَدْ يَنْقَطِعُ أَثَرُ النِّكَاحِ فِي حُكْمٍ دُونَ حُكْمٍ. وَفِي وَجْهٍ ثَالِثٍ: أَنَّ مَا بَقِيَ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ يَقَعُ مُتَمَحِّضًا عَنِ الطَّلَاقِ، وَلَا يُوجِبُ الْوَطْءَ إِلَّا مَا وَرَاءَ ذَلِكَ إِلَى تَمَامِ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ، وَهَذَا ضَعِيفٌ.
وَإِنْ كَانَتِ الْعِدَّتَانِ مِنْ جِنْسَيْنِ، بِأَنْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا بِالْحَمْلِ، وَالْأُخْرَى بِالْأَقْرَاءِ سَوَاءٌ طَلَّقَهَا حَامِلًا، ثُمَّ وَطِئَهَا، أَوْ حَائِلًا ثُمَّ أَحْبَلَهَا، فَفِي دُخُولِ الْأُخْرَى فِي الْحَمْلِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: الدُّخُولُ كَالْجِنْسِ. فَعَلَى هَذَا، تَنْقَضِيَانِ بِالْوَضْعِ، وَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ إِلَى أَنْ تَضَعَ إِنْ كَانَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ بِالْحَمْلِ، وَكَذَا إِنْ كَانَتْ بِالْأَقْرَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: لَا رَجْعَةَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِدَّةَ الطَّلَاقِ سَقَطَتْ، وَهِيَ الْآنُ مُعْتَدَّةٌ لِلْوَطْءِ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَتَدَاخَلَانِ، فَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ لِعِدَّةِ الطَّلَاقِ، اعْتَدَّتْ بَعْدَ وَضْعِهِ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ، وَلَا رَجْعَةَ إِلَّا فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ، وَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute