الطَّلَاقِ، لِتَقَدُّمِهَا وَقُوَّتِهَا. فَإِذَا أَتَمَّتْهَا، اسْتَأْنَفَتْ عِدَّةَ الشُّبْهَةِ، ثُمَّ إِنْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الثَّانِي إِلَّا وَطْءُ شُبْهَةٍ، ابْتَدَأَتْ عِدَّتَهُ عَقِبَ عِدَّةِ الطَّلَاقِ، فَإِنْ نَكَحَ الثَّانِي وَوَطِئَ، فَزَمَنُ كَوْنِهَا فِرَاشًا لَهُ لَا يُحْسَبُ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنَ الْعِدَّتَيْنِ. وَبِمَاذَا تَنْقَطِعُ عِدَّةُ الطَّلَاقِ؟ فِيهِ خِلَافٌ يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَمَتَى تَعُودُ إِلَيْهَا؟ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: مِنْ آخِرِ وَطْءٍ وَقَعَ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي، حُكِيَ عَنِ الْقَفَّالِ الشَّاشِيِّ. وَالثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيحُ: مِنْ حِينِ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا، وَلِلزَّوْجِ الرَّجْعَةُ فِي عِدَّتِهِ، فَإِذَا رَاجَعَهَا، شَرَعَتْ فِي عِدَّةِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا إِلَى أَنْ تَنْقَضِيَ. وَهَلْ لَهُ تَجْدِيدُ نِكَاحِهَا إِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ: نَعَمْ. وَلَوْ وُطِئَتْ مَنْكُوحَةٌ بِشُبْهَةٍ، ثُمَّ طُلِّقَتْ وَهِيَ فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: تُتِمُّ عِدَّةَ الشُّبْهَةِ، ثُمَّ تَبْتَدِئُ عِدَّةَ الطَّلَاقِ مُرَاعَاةً لِلسَّابِقِ، وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ: تُقَدِّمُ عِدَّةَ الطَّلَاقِ، لِقُوَّتِهَا. فَإِنْ قَدَّمْنَا عِدَّةَ الشُّبْهَةِ، فَلَهُ الرَّجْعَةُ إِذَا اشْتَغَلَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ. وَهَلْ لَهُ الرَّجْعَةُ قَبْلَ ذَلِكَ؟ وَجْهَانِ، وَلَا يَجُوزُ تَجْدِيدُ نِكَاحِهَا فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ إِذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، لِأَنَّهَا فِي عِدَّةِ الْغَيْرِ.
وَإِذَا قُلْنَا: تُقَدِّمُ عِدَّةَ الطَّلَاقِ، شَرَعَتْ فِيهَا بِنَفْسِ الطَّلَاقِ، فَإِذَا تَمَّتْ، عَادَتْ إِلَى بَقِيَّةِ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ، وَلِلزَّوْجِ الرَّجْعَةُ إِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا. وَهَلْ لَهُ تَجْدِيدُ النِّكَاحِ إِنْ كَانَ بَائِنًا؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ. وَلَوْ طَرَأَ وَطْءُ شُبْهَةٍ فِي عِدَّةِ وَطْءِ شُبْهَةٍ، أَتَمَّتْ عِدَّةَ الْوَاطِئِ الْأَوَّلِ بِلَا خِلَافٍ. وَلَوْ نَكَحَ امْرَأَةً نِكَاحًا فَاسِدًا، وَوَطِئَهَا غَيْرُهُ بِشُبْهَةٍ، ثُمَّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا لِظُهُورِ فَسَادِ النِّكَاحِ، قَالَ الْبَغَوِيُّ: تُقَدَّمُ عِدَّةُ الْوَاطِئِ بِشُبْهَةٍ بِلَا خِلَافٍ، لِأَنَّ عِدَّتَهُ مِنْ وَقْتِ الْوَطْءِ، وَعِدَّةَ النَّاكِحِ مِنَ التَّفْرِيقِ، وَمَعْنَاهُ: أَنَّ عِدَّةَ الْوَاطِئِ سَبَقَ وَجُوبُهَا، وَلَيْسَ لِلْفَاسِدِ قُوَّةُ الصَّحِيحِ لِيَتَرَجَّحَ بِهَا، وَقَدْ تَكُونُ إِحْدَى الْعِدَّتَيْنِ بِالْأَقْرَاءِ، وَالْأُخْرَى بِالْأَشْهُرِ، بِأَنْ طَلَّقَهَا فَمَضَى قَرْءَانِ، ثُمَّ نُكِحَتْ فَاسِدًا وَدَامَ فِرَاشُهُ حَتَّى أَيِسَتْ، ثُمَّ فُرِّقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute