الثَّانِي: إِنْ قُلْنَا تَنْقَضِي بِالْوَضْعِ عِدَّةُ أَحَدِهِمَا، لَمْ تَصِحَّ رَجْعَةُ الزَّوْجِ فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ وَلَا فِي الْأَقْرَاءِ بَعْدَ الْوَضْعِ، لِلشَّكِّ فِي أَنَّ عِدَّتَهُ هَذِهِ أَمْ هَذِهِ؟ فَلَوْ رَاجَعَ مَرَّةً فِي الْحَمْلِ، وَمَرَّةً فِي الْأَقْرَاءِ، فَفِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ وَجْهَانِ سَيَأْتِي نَظِيرُهُمَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَإِنْ قُلْنَا: لَا تَنْقَضِي، أَتَمَّتْ بَعْدَ الْوَضْعِ عِدَّةَ الْأَوَّلِ وَهُوَ الزَّوْجُ، وَلَهُ الرَّجْعَةُ فِيهِ. وَهَلْ لَهُ الرَّجْعَةُ قَبْلَهُ فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ.
فَرْعٌ
إِذَا احْتَمَلَ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنَ الزَّوْجِ، وَمِنَ الْوَاطِئِ بِالشُّبْهَةِ، عُرِضَ بَعْدَ الْوَضْعِ عَلَى الْقَائِفِ، فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِالزَّوْجِ أَوْ بِالْوَاطِئِ، فَحُكْمُهُ مَا ذَكَرْنَا فِيمَا إِذَا اخْتَصَّ الِاحْتِمَالُ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ أَوْ أُشْكِلَ عَلَيْهِ، أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا، أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا، أَوْ مَاتَ الْوَلَدُ وَتَعَذَّرَ عَرْضُهُ، انْقَضَتْ عِدَّةُ أَحَدِهِمَا بِوَضْعِهِ، لِأَنَّهُ مِنْ أَحَدِهِمَا، ثُمَّ تَعْتَدُّ بَعْدَ الْوَضْعِ لِلْآخَرِ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ. قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ، لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَنْ لَا يُوجَدُ فِي الدُّنْيَا، بَلِ الْمُرَادُ أَنْ لَا يُوجَدُ فِي مَوْضِعِ الْوَلَدِ وَمَا يَقْرُبُ مِنْهُ، وَهُوَ الْمَسَافَةُ الَّتِي تُقْطَعُ فِي أَقَلِّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. وَسَوَاءٌ فِي وُجُوبِ الْعَرْضِ عَلَى الْقَائِفِ، ادَّعَيَاهُ جَمِيعًا، أَوِ ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا فَقَطْ.
وَقِيلَ: إِذَا ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا فَقَطْ، اخْتَصَّ بِهِ، كَالْأَمْوَالِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، لِحَقِّ الْوَلَدِ وَحَقِّ الشَّرْعِ فِي النَّسَبِ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: إِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ كَمَا ذَكَرْنَا. وَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا، بُنِيَ عَلَى أَنَّ الرَّجْعَةَ هَلْ هِيَ فِرَاشٌ، أَمْ لَا؟ إِنْ قُلْنَا: لَا، عُرِضَ أَيْضًا، وَإِنْ قُلْنَا: فِرَاشٌ، وَأَنَّ السِّنِينَ الْأَرْبَعَ فِي حَقِّهَا تُعْتَبَرُ مِنِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَالْوَلَدُ مُلْحَقٌ (بِالزَّوْجِ) وَلَا يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ.
ثُمَّ فِي هَذَا الْفَرْعِ مَسْأَلَتَانِ.
إِحْدَاهُمَا: إِذَا رَجَعَ الزَّوْجُ فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ، بُنِيَ عَلَى مَا إِذَا تَأَخَّرَتْ عِدَّةُ الزَّوْجِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute