(التَّلْخِيصِ) قَالَ أَصْحَابُنَا: هَذَا النَّقْلُ غَلَطٌ. وَلَا يَخْتَلِفُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، أَنَّهُ لَا إِعَادَةَ عَلَى الْمَأْمُومِ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا حَكَى الشَّافِعِيُّ مَذْهَبَ مَالِكٍ: أَنَّهُ تَجِبُ الْإِعَادَةُ إِنْ تَعَمَّدَ الْإِمَامُ، وَلَيْسَ مَذْهَبًا لَهُ. وَالصَّوَابُ: إِثْبَاتُ الْقَوْلِ كَمَا نَقَلَهُ صَاحِبُ (التَّلْخِيصِ) وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي (الْبُوَيْطِيِّ) . وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
هَذَا إِذَا لَمْ يَعْرِفِ الْمَأْمُومُ حَدَثَ الْإِمَامِ أَصْلًا. فَإِنْ عَلِمَ وَلَمْ يَتَفَرَّقَا، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ نَاسِيًا، وَجَبَتِ الْإِعَادَةُ قَطْعًا. وَهَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ. فَإِنْ كَانَ فِيهَا، فَفِيهِ كَلَامٌ يَأْتِي فِي بَابِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَمِنْهَا: لَوِ اقْتَدَى بِمَنْ ظَنَّهُ قَارِئًا فَبَانَ أُمِّيًّا، وَقُلْنَا: لَا تَصِحُّ صَلَاةُ الْقَارِئِ خَلْفَ الْأُمِّيِّ، فَفِي الْإِعَادَةِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: تَجِبُ. قَطَعَ بِهِ فِي (التَّهْذِيبِ) ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ، سَوَاءً كَانَتِ الصَّلَاةُ سِرِّيَّةً، أَوْ جَهْرِيَّةً. وَلَوِ اقْتَدَى بِمَنْ لَا يَعْرِفُ حَالَهُ فِي جَهْرِيَّةٍ، فَلَمْ يَجْهَرْ، وَجَبَتِ الْإِعَادَةُ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي (الْأُمِّ) وَقَالَهُ الْعِرَاقِيُّونَ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَارِئًا لَجَهَرَ. فَلَوْ سَلَّمَ وَقَالَ: أَسْرَرْتُ وَنَسِيتُ الْجَهْرَ، لَمْ تَجِبِ الْإِعَادَةُ لَكِنْ تُسْتَحَبُّ. وَلَوْ بَانَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ ذُكُورَةُ الْخُنْثَى، فَفِي بُطْلَانِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ الرَّجُلِ، الْقَوْلَانِ، كَمَا بَعُدَ الْفَرَاغُ. وَلَوْ بَانَ فِي أَثْنَائِهَا كَوْنُهُ جُنُبًا، أَوْ مُحْدِثًا، فَلَا قَضَاءَ وَيَجِبُ أَنْ يَنْوِيَ الْمُفَارَقَةَ فِي الْحَالِ، وَيَبْنِيَ. وَلَوْ بَانَ أُمِّيًّا، وَقُلْنَا: لَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ، فَكَالْمُحْدِثِ وَإِلَّا فَكَالْخُنْثَى.
وَمِنْهَا لَوِ اقْتَدَى بِمَنْ ظَنَّهُ رَجُلًا، فَبَانَ امْرَأَةً أَوْ خُنْثَى، وَجَبَتِ الْإِعَادَةُ. وَقِيلَ: لَا تَجِبُ إِذَا بَانَ خُنْثَى وَهُوَ شَاذٌّ. وَلَوْ ظَنَّهُ مُسْلِمًا، فَبَانَ كَافِرًا يَتَظَاهَرُ بِكُفْرِهِ كَالْيَهُودِيِّ، وَجَبَ الْقَضَاءُ. وَإِنْ كَانَ يُخْفِيهِ وَيُظْهِرُ الْإِسْلَامَ، كَالزِّنْدِيقِ، وَالْمُرْتَدِّ، لَمْ يَجِبِ الْقَضَاءُ عَلَى الْأَصَحِّ.
قُلْتُ: هَذَا الَّذِي صَحَّحَهُ هُوَ الْأَقْوَى دَلِيلًا. لَكِنَّ الَّذِي صَحَّحَهُ الْجُمْهُورُ، وُجُوبُ الْقَضَاءِ. وَمِمَّنْ صَحَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَالْمَحَامِلِيُّ، وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute