إِلَى الْقَاضِي، وَطَلَبَتِ الْفُرْقَةَ، فَنَفَقَةُ مُدَّةِ التَّرَبُّصِ عَلَيْهِ، لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ عَلَيْهِ بَعْدُ، فَإِنِ انْقَضَّتْ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِالْفُرْقَةِ وَالِاعْتِدَادِ. فَإِنْ قُلْنَا بِالْقَدِيمِ، فَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي مُدَّةِ الْعِدَّةِ، لِأَنَّهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ. وَفِي السُّكْنَى قَوْلَانِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْجَدِيدِ، فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمَفْقُودِ، لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ، وَيَسْتَمِرُّ ذَلِكَ حَتَّى تُنْكَحَ. فَحِينَئِذٍ تَسْقُطُ لِأَنَّهَا نَاشِزَةٌ بِالنِّكَاحِ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا. وَعَنِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ الْقَطْعُ بِالنَّفَقَةِ فِي مُدَّةِ الْعِدَّةِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، كَمُدَّةِ التَّرَبُّصِ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، وَإِذَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ عَادَ الْمَفْقُودُ وَسُلِّمَتْ إِلَيْهِ، عَادَتْ نَفَقَتُهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ الثَّانِي دَخَلَ بِهَا، لَمْ يَلْزَمِ الْمَفْقُودُ نَفَقَةَ زَمَانِ الْعِدَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَعُدِ الْمَفْقُودُ وَعَادَتْ هِيَ بَعْدَ التَّفْرِيقِ إِلَى بَيْتِهِ، فَفِي عَوْدِ النَّفَقَةِ قَوْلَانِ. وَقِيلَ: إِنْ نَكَحَتْ بِنَفْسِهَا بِغَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ، عَادَتِ النَّفَقَةُ، وَإِلَّا فَلَا.
قَالَ الرُّويَانِيُّ: الْأَظْهَرُ أَنَّهَا لَا تَعُودُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ بِهِ إِذَا لَمْ يَعْلَمُ الزَّوْجُ عَوْدَهَا إِلَى الطَّاعَةِ. قَالَ: وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ، وَأَمَّا النَّفَقَةُ عَلَى الزَّوْجِ الثَّانِي، فَلَا يَخْفَى حُكْمُهَا عَلَى الْقَدِيمِ، وَأَمَّا عَلَى الْجَدِيدِ، فَلَا نَفَقَةَ لِزَمَنِ الِاسْتِفْرَاشِ، إِذْ لَا زَوْجِيَّةَ، فَإِنْ أَنْفَقَ، لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ إِلَّا أَنْ يُلْزِمَهُ الْحَاكِمُ، فَيَرْجِعَ عَلَيْهَا عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ: عَلَى الزَّوْجِ الْأَوَّلِ. وَإِذَا شَرَعَتْ فِي عِدَّةِ الثَّانِي، فَلَا نَفَقَةَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا، فَقَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَمْلِ، أَمْ لِلْحَامِلِ.
السَّادِسَةُ: إِذَا ظَهَرَ الْمَفْقُودُ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْجَدِيدِ، فَهِيَ زَوْجَتُهُ بِكُلِّ حَالٍ، فَإِنْ نَكَحَتْ، لَمْ يَطَأْهَا الْمَفْقُودُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ النَّاكِحِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْقَدِيمِ، فَفِيهِ طُرُقٌ. أَحُدُهَا: عَنْ أَبَوَيْ عَلَيٍّ: ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالطَّبَرِيِّ، أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ، لِأَنَّا تَيَقَّنَا الْخَطَأَ فِي الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ، فَصَارَ كَمَنْ حَكَمَ بِالِاجْتِهَادِ، ثُمَّ وَجَدَ النَّصَّ بِخِلَافِهِ، وَهَذَا أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الرُّويَانِيِّ. وَالثَّانِي: إِنْ قُلْنَا يُنَفَّذُ الْحُكْمُ بِالْفُرْقَةِ ظَاهِرًا فَقَطْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute