للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِلَى الْبَلَدِ الثَّانِي، اعْتَدَّتْ فِيهِ، وَإِنْ وُجِدَ قَبْلَ مُفَارَقَةِ عُمْرَانِ الْأَوَّلِ، لَمْ تَخْرُجْ، بَلْ تَعُودُ إِلَى الْمَسْكَنِ وَتَعْتَدُّ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ، فَعَلَى الْأَوْجُهِ.

وَإِنْ أَذِنَ فِي السَّفَرِ لِغَيْرِ النَّقْلَةِ، نُظِرَ، إِنْ تَعَلَّقَ بِغَرَضٍ مُهِمٍّ، كَتِجَارَةٍ وَحَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَاسْتِحْلَالٍ عَنْ مَظْلَمَةٍ وَنَحْوِهَا، ثُمَّ حَدَثَ سَبَبُ الْفُرْقَةِ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ حَدَثَ قَبْلَ خُرُوجِهَا مِنَ الْمَسْكَنِ، لَمْ تَخْرُجْ بِلَا خِلَافٍ. وَإِنْ خَرَجَتْ مِنْهُ عَلَى قَصْدِ السَّفَرِ وَلَمْ تُفَارِقْ عُمْرَانَ الْبَلَدِ، فَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ يَلْزَمُهَا الْعَوْدُ إِلَى الْمَسْكَنِ، لِأَنَّهَا لَمْ تَشْرَعْ فِي السَّفَرِ.

وَالثَّانِي: تَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْعَوْدِ وَالْمُضِيِّ فِي السَّفَرِ، لِأَنَّ عَلَيْهَا ضَرَرًا فِي إِبْطَالِ سَفَرِهَا، وَفَوَاتِ غَرَضِهَا. وَالثَّالِثُ: إِنْ كَانَ سَفَرَ حَجٍّ، تَخَيَّرَتْ، وَإِلَّا فَيَلْزَمُ الْعَوْدُ، وَإِنْ حَدَثَ سَبَبُ الْفُرْقَةِ فِي الطَّرِيقِ، تَخَيَّرَتْ بَيْنَ الْعَوْدِ وَالْمُضِيِّ. وَقِيلَ: إِنْ حَدَثَ بَعْدَ مَسِيرَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ تَخَيَّرَتْ، وَإِنْ حَدَثَ قَبْلَهُ، تَعَيَّنَ الْعَوْدُ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَإِذَا خَيَّرْنَاهَا، فَاخْتَارَتِ الْعَوْدَ إِلَى الْمَسْكَنِ وَالِاعْتِدَادَ، فَذَاكَ، وَفِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُ الْأَفْضَلُ، وَإِنِ اخْتَارَتِ الْمُضِيَّ إِلَى الْمَقْصِدِ، فَلَهَا أَنْ تُقِيمَ فِيهِ إِلَى انْقِضَاءِ حَاجَتِهَا، فَلَوِ انْقَضَتْ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ إِقَامَةِ الْمُسَافِرِينَ، فَالْمَذْكُورُ فِي «التَّهْذِيبِ» وَ «الْوَسِيطِ» وَغَيْرِهِمَا، أَنَّ لَهَا أَنْ تُقِيمَ تَمَامَ مُدَّةِ الْمُسَافِرِينَ، وَحَكَى الرُّويَانِيُّ هَذَا عَنْ بَعْضِهِمْ، ثُمَّ غَلَّطَ قَائِلَهُ وَقَالَ: نِهَايَةُ سَفَرِهَا قَضَاءُ الْحَاجَةِ لَا غَيْرَ.

قُلْتُ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تُقِيمَ بَعْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ «الْمُهَذَّبِ» وَالْجُرْجَانِيُّ، وَالرَّافِعِيُّ فِي «الْمُحَرَّرِ» وَآخَرُونَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَإِنْ كَانَ أَذِنَ لَهَا فِي سَفَرِ نُزْهَةٍ فَبَلَغَتِ الْمَقْصِدَ، ثُمَّ حَدَثَ مَا يُوجِبُ الْعِدَّةَ، فَإِنْ لَمْ يُقَدِّرِ الزَّوْجُ مُدَّةً، لَمْ تُقِمْ أَكْثَرَ مِنْ مُدَّةِ الْمُسَافِرِينَ، وَإِنْ قَدَّرَ، فَهَلِ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، أَمْ لَهَا اسْتِيفَاءُ الْمُدَّةِ الْمُقَدَّرَةِ؟ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: الثَّانِي، وَيَجْرِيَانِ فِيمَا لَوْ قَدَّرَ فِي الْحَاجَةِ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ، لَأَنَّ الزَّائِدَ كَالنُّزْهَةِ. فَفِي قَوْلٍ: يَجِبُ الِانْصِرَافُ إِذَا انْقَضَتِ الْحَاجَةُ. وَفِي قَوْلٍ: تُقِيمُ الْمَأْذُونَ فِيهِ، وَيَجْرِيَانِ فِيمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>