كَمَا فِي الْعِدَّةِ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ فِي «الْبَسِيطِ» ، وَحَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنِ الْبَغْدَادِيِّينَ. وَالثَّانِي: لَا يَكْفِي، وَلَا يَنْقَضِي الِاسْتِبْرَاءُ حَتَّى تَحِيضَ بَعْدَهُ ثُمَّ تَطْهُرَ، وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيُّ، وَحَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنِ الْبَصْرِيِّينَ. وَإِذَا قُلْنَا: الْقَرْءُ الْحَيْضُ، لَمْ يَكْفِ بَقِيَّةُ الْحَيْضِ، بَلْ يُعْتَبَرُ حَيْضَةً كَامِلَةً. فَلَوْ كَانَتْ حَائِضًا عِنْدَ وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ، لَمْ يَنْقَضِ الِاسْتِبْرَاءُ حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ حَيْضَةً، ثُمَّ تَطْهُرَ، وَإِذَا تَبَاعَدَ حَيْضُ ذَاتِ الْأَقْرَاءِ، فَحُكْمُهَا فِي التَّرَبُّصِ إِلَى سِنِّ الْيَأْسِ حُكْمُ الْمُعْتَدَّةِ. فَإِنْ كَانَتِ الْمُسْتَبْرَأَةُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ، فَهَلْ تَسْتَبْرِئُ بِشَهْرٍ، أَمْ بِثَلَاثَةٍ؟ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ: بِشَهْرٍ، لِأَنَّهُ بَدَلَ قَرْءٍ، وَرَجَّحَ صَاحِبُ «الْمُهَذَّبِ» وَجَمَاعَةٌ، الثَّلَاثَةَ، وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا، نُظِرَ، إِنْ زَالَ فِرَاشُهُ عَنْ مُسْتَوْلَدَتِهِ، أَوْ أَمَتِهِ الْحَامِلِ، فَاسْتِبْرَاؤُهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ. فَإِنْ مَلَكَ أَمَةً، فَقَدْ أَطْلَقَ الْمُتَوَلِّي، أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ إِنْ كَانَ الْحَمْلُ ثَابِتَ النَّسَبِ مِنْ زَوْجٍ، أَوْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ، وَالْأَصَحُّ التَّفْصِيلُ.
فَإِنْ مَلَكَهَا بِسَبْيٍ حَصَلَ الِاسْتِبْرَاءُ بِالْوَضْعِ، وَإِنْ مَلَكَ بِالشِّرَاءِ، فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْ زَوْجٍ وَهِيَ فِي نِكَاحِهِ أَوْ عِدَّتِهِ، أَوْ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ، فَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا اسْتِبْرَاءَ فِي الْحَالِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَفِي وُجُوبِهِ بَعْدَ الْعِدَّةِ خِلَافٌ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَلَيْسَ الِاسْتِبْرَاءُ بِالْوَضْعِ، لِأَنَّهُ إِمَّا غَيْرُ وَاجِبٍ، وَإِمَّا مُؤَخَّرٌ عَنِ الْوَضْعِ.
وَذَكَرَ الْبَغَوِيُّ فِي حُصُولِ الِاسْتِبْرَاءِ فِي الْوَضْعِ قَوْلَيْنِ. وَلَوْ كَانَ الْحَمْلُ مِنْ زِنًا، فَفِي حُصُولِ الِاسْتِبْرَاءِ بِوَضْعِهِ حَيْثُ يَحْصُلُ فِي ثَابِتِ النَّسَبِ، وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْحُصُولُ، لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ، وَلِحُصُولِ الْبَرَاءَةِ بِخِلَافِ الْعِدَّةِ، فَإِنَّهَا مَخْصُوصَةٌ بِالتَّأْكِيدِ، وَلِهَذَا اشْتُرِطَ فِيهَا التَّكْرَارُ. فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَحْصُلُ، وَرَأَتْ دَمًا عَلَى الْحَمْلِ، وَقُلْنَا: هُوَ حَيْضٌ، حَصَلَ الِاسْتِبْرَاءُ بِحَيْضَةٍ عَلَى الْحَمْلِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِنْ قُلْنَا: لَيْسَ بِحَيْضٍ، أَوْ لَمْ تَرَ دَمًا، فَاسْتِبْرَاؤُهَا بِحَيْضَةٍ بَعْدَ الْوَضْعِ. وَلَوِ ارْتَابَتِ الْمُسْتَبْرَأَةُ بِالْحَمْلِ فِي مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ بَعْدَهَا، فَعَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْعِدَّةِ.
الطَّرَفُ الثَّانِي: فِي سَبَبِ الِاسْتِبْرَاءِ، وَهُوَ سَبَبَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute