الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الرَّضَاعِ الْقَاطِعِ لِلنِّكَاحِ وَحُكْمِ الْغُرْمِ
فِيهِ طَرَفَانِ:
الْأَوَّلُ: فِي الْغُرْمِ عِنْدَ انْقِطَاعِ النِّكَاحِ. الرَّضَاعُ الطَّارِئُ قَدْ يَقْطَعُ النِّكَاحَ وَإِنْ لَمْ يَقْتَضِ حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً، وَسَتَأْتِي أَمْثِلَتُهُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَدْ يَقْطَعُهُ لِاقْتِضَائِهِ حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً، فَكُلُّ امْرَأَةٍ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْكِحَ بِنْتَهَا إِذَا أَرْضَعَتْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ خَمْسَ رَضَعَاتٍ، ثَبَتَتِ الْحُرْمَةُ الْمُؤَبَّدَةُ، وَانْقَطَعَ النِّكَاحُ. فَإِذَا كَانَ تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ، فَأَرْضَعَتْهَا أُمُّهُ مِنَ النَّسَبِ أَوِ الرَّضَاعِ، أَوْ جَدَّتُهُ أَوْ بِنْتُهُ أَوْ حَافِدَتُهُ مِنْهُمَا، أَوْ زَوْجَةُ أَبِيهِ أَوِ ابْنِهِ أَوْ أَخِيهِ بِلِبَانِهِمْ خَمْسَ رَضَعَاتٍ، انْفَسَخَ النِّكَاحُ. فَإِنْ كَانَ اللَّبَنُ مِنْ غَيْرِ الْأَبِ وَالِابْنِ وَالْأَخِ لَمْ يُؤَثِّرْ، لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنْ تَصِيرَ رَبِيبَةَ أَبِيهِ أَوِ ابْنِهِ أَوْ أَخِيهِ، وَلَيْسَتْ بِحَرَامٍ. وَلَوْ أَرْضَعَتْهَا زَوْجَةٌ أُخْرَى لَهُ بِلَبَنِهِ، انْفَسَخَ النِّكَاحُ، وَثَبَتَتِ الْحُرْمَةُ الْمُؤَبَّدَةُ، لِأَنَّهَا بِنْتُهُ، وَإِنْ كَانَ اللَّبَنُ لِغَيْرِهِ فَسَنَذْكُرُهُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -، ثُمَّ الصَّغِيرَةُ الَّتِي يَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا بِالرَّضَاعِ تَسْتَحِقُّ نِصْفَ الْمُسَمَّى إِنْ كَانَ صَحِيحًا، أَوْ نِصْفَ مَهْرِ الْمِثْلِ إِنْ كَانَ فَاسِدًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الِانْفِسَاخُ مِنْ جِهَتِهَا بِأَنْ دَبَّتْ فَرَضَعَتْ مِنْ نَائِمَةٍ، فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لَهَا عَلَى الْمَذْهَبِ، كَمَا سَنَذْكُرُهُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَجِبُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ الْغُرْمُ لِلزَّوْجِ، سَوَاءٌ قَصَدَتْ بِالْإِرْضَاعِ فَسْخَ النِّكَاحِ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ وَجَبَ عَلَيْهَا الْإِرْضَاعُ بِأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مُرْضِعَةٌ غَيْرُهَا أَمْ لَا، لِأَنَّ غَرَامَةَ الْإِتْلَافِ لَا تَخْتَلِفُ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute