فَرْعٌ
إِنَّمَا يَجِبُ الْغُرْمُ فِي الصُّوَرِ السَّابِقَةِ عَلَى أُمِّ الزَّوْجِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهَا إِذَا أَرْضَعَتْ أَوْ مَكَّنَتِ الصَّغِيرَةَ مِنْ الِارْتِضَاعِ، وَلَا يُؤَثِّرُ مَعَ إِرْضَاعِهَا ارْتِضَاعُ الصَّغِيرَةِ، فَلَا يُحَالُ الِانْفِسَاخُ عَلَيْهِ، فَلَوْ كَانَتْ ذَاتُ اللَّبَنِ نَائِمَةً، فَدَبَّتْ إِلَيْهَا الصَّغِيرَةُ، فَارْتَضَعَتْ، وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ، أَحَلْنَا الِانْفِسَاخَ عَلَى فِعْلِ الصَّغِيرَةِ، فَلَا غُرْمَ عَلَى صَاحِبَةِ اللَّبَنِ، لِأَنَّهَا لَا فِعْلَ لَهَا. وَقَالَ الدَّارَكِيُّ: عَلَيْهَا الْغُرْمُ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَلَا مَهْرَ لِلصَّغِيرَةِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: لَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى وَلَا أَثَرَ لِفِعْلِهَا، فَعَلَى الْأَصَحِّ يَرْجِعُ الزَّوْجُ فِي مَالِهَا حَيْثُ يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْكَبِيرَةِ، بِنِسْبَةِ مَا يَغْرَمُ لَهَا مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا، لِأَنَّهَا أَتْلَفَتْ عَلَيْهِ بُضْعَ الْكَبِيرَةِ، وَلَا فَرْقَ فِي غَرَامَةِ الْمُتْلَفَاتِ بَيْنَ الْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ. وَلَوْ وَصَلَتْ قَطْرَةٌ بِتَطْيِيرِ الرِّيحِ إِلَى جَوْفِ الصَّغِيرَةِ، فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ وَلَا غُرْمَ عَلَى صَاحِبَةِ اللَّبَنِ، وَيَجِيءُ فِيهِ وَجْهُ الدَّارَكِيِّ، وَلَوِ ارْتَضَعَتْ مِنْهَا وَهِيَ مُسْتَيْقِظَةٌ سَاكِتَةٌ، فَهَلْ يُحَالُ الرَّضَاعُ عَلَى الْكَبِيرَةِ لِرِضَاهَا بِهِ أَمْ لَا لِعَدَمِ فِعْلِهَا كَالنَّائِمَةِ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ كَجٍّ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ: الثَّانِي. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوِ ارْتَضَعَتِ الصَّغِيرَةُ مِنْ أُمِّ الزَّوْجِ رَضْعَتَيْنِ وَهِيَ نَائِمَةٌ، ثُمَّ أَرْضَعَتْهَا الْأُمُّ ثَلَاثَ رَضَعَاتٍ فَفِيهِ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ فِي أَنَّ الْغُرْمَ يُوَزَّعُ عَلَى الْمُرْضِعَاتِ، أَوْ عَلَى الرَّضَعَاتِ، إِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ، سَقَطَ مِنْ نِصْفِ الْمُسَمَّى نِصْفُهُ، وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ نِصْفُهُ وَهُوَ الرُّبُعُ، وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي، سَقَطَ مِنْ نِصْفِ الْمُسَمَّى خُمْسَاهُ، وَيَلْزَمُ الزَّوْجَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ، هَكَذَا قَالَهُ صَاحِبَا «الْمُهَذَّبِ» وَ «التَّهْذِيبِ» وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى الْأَظْهَرِ مِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute