وَلَمْ تَجْتَمِعْ هِيَ وَأُمٌّ وَلَا أُخْتٌ، فَإِذَا ارْتَضَعَتِ الثَّالِثَةُ، انْفَسَخَ نِكَاحُهَا، لِأَنَّهَا صَارَتْ أُخْتًا لِلثَّانِيَةِ الَّتِي هِيَ فِي نِكَاحِهِ، وَهَلْ يَنْفَسِخُ مَعَهَا نِكَاحُ الثَّانِيَةِ، أَمْ يَخْتَصُّ الِانْفِسَاخُ بِالثَّالِثَةِ؟ قَوْلَانِ، وَيُنْسَبُ الثَّانِي إِلَى الْجَدِيدِ، وَرَجَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَالْأَوَّلُ إِلَى الْقَدِيمِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ، وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ، فَعَلَى هَذَا الْمَسْأَلَةُ مِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِي رُجِّحَ فِيهَا الْقَدِيمُ. وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ كَبِيرَةٌ وَصَغِيرَةٌ، فَأَرْضَعَتْ أُمُّ الْكَبِيرَةِ الصَّغِيرَةَ، فَقِيلَ: يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُمَا قَطْعًا، وَالْأَصَحُّ انْفِسَاخُ الصَّغِيرَةِ، وَأَنَّ الْكَبِيرَةَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ. وَلَوْ كَانَتْ تَحْتَهُ صَغِيرَتَانِ أَرْضَعَتْهُمَا أَجْنَبِيَّةٌ، نُظِرَ؛ إِنْ أَرْضَعَتْهُمَا مَعًا انْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا، لِأَنَّهُمَا صَارَتَا أُخْتَيْنِ مَعًا، وَحُرِّمَتِ الْأَجْنَبِيَّةُ مُؤَبَّدًا، لِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَتَيْهِ، وَلَهُ نِكَاحُ إِحْدَى الصَّغِيرَتَيْنِ. وَإِنْ أَرْضَعَتْهُمَا مُتَعَاقِبًا، لَمْ تَنْفَسِخِ الْأُولَى بِإِرْضَاعِهَا، فَإِذَا أَرْضَعَتِ الثَّانِيَةَ، انْفَسَخَتْ قَطْعًا، وَفِي انْفِسَاخِ الْأُولَى الْقَوْلَانِ، الْأَظْهَرُ الِانْفِسَاخُ.
فَرْعٌ
تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ وَثَلَاثُ كَبَائِرَ، أَرْضَعَتْهَا كُلُّ كَبِيرَةٍ خَمْسًا، انْفَسَخَ نِكَاحُ الْجَمِيعِ، لِأَنَّ الْكَبَائِرَ أُمَّهَاتُ زَوْجَتِهِ، وَالصَّغِيرَةُ بِنْتُ زَوْجَاتِهِ، وَحُرِّمَتِ الْكَبَائِرُ مُؤَبَّدًا، وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إِنْ كَانَ دَخَلَ بِكَبِيرَةٍ، وَإِلَّا فَلَهُ نِكَاحُهَا.
تَحْتَهُ أَرْبَعُ صَغَائِرَ أَرْضَعَتْهُنَّ أَجْنَبِيَّةٌ وَاحِدَةٌ بَعْدَ وَاحِدَةٍ، فَلَا أَثَرَ لِرِضَاعِ الْأُولَى فِي نِكَاحِ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، فَإِذَا ارْتَضَعَتِ الثَّانِيَةُ أُخْتًا لِلْأُولَى، فَيَنْفَسِخَ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ، وَفِي الْأُولَى الْقَوْلَانِ، فَإِنْ فَسَخْنَاهَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute