هَذِهِ الْأَغْرَاضِ. وَلِهَذَا لَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ أَنَّ زَيْدًا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ، أَوْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ، قُبِلَ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنِ اسْتَفَادَا حَلَّ مُنَاكَحَتِهَا. وَإِنْ شَهِدَتْ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهَا، فَقَالَتْ: أَرْضَعْتُهُمَا، فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا تُقْبَلُ، كَمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا عَلَى وِلَادَتِهَا، وَلَا شَهَادَةُ الْحَاكِمِ عَلَى حُكْمِ نَفْسِهِ بَعْدَ الْعَزْلِ، وَلَا الْقَسَّامُ عَلَى الْقِسْمَةِ. وَأَصَحُّهُمَا: تُقْبَلُ، وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ، لِأَنَّهَا لَا تَجُرُّ بِهَا نَفْعًا وَلَا تَدْفَعُ ضَرَرًا بِخِلَافِ الْوِلَادَةِ، فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقُّ النَّفَقَةِ وَالْإِرْثِ، وَسُقُوطُ الْقِصَاصِ وَغَيْرُهَا، وَتُخَالِفُ شَهَادَةَ الْحَاكِمِ وَالْقَسَّامِ، فَإِنَّ فِعْلَهُمَا مَقْصُودٌ، وَفِعْلَ الْمُرْضِعَةِ غَيْرُ مَقْصُودٍ، وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ وُصُولُ اللَّبَنِ إِلَى الْجَوْفِ، وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْحُكْمِ وَالْقِسْمَةِ تَتَضَمَّنُ تَزْكِيَةَ النَّفْسِ.
فَرْعٌ
إِذَا لَمْ يَتِمَّ نِصَابُ الشَّهَادَةِ بِأَنْ شَهِدَتِ الْمُرْضِعَةُ وَحْدَهَا، أَوِ امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ، أَوِ امْرَأَتَانِ، أَوْ ثَلَاثٌ، فَالْوَرَعُ أَنْ يَتْرُكَ نِكَاحَهَا، وَأَنْ يُطَلِّقَهَا إِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ النِّكَاحِ.
لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِالرَّضَاعِ، وَقَالَا: تَعَمَّدْنَا النَّظَرَ إِلَى الثَّدْيِ لَا لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ، لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهُمَا فَاسِقَانِ بِقَوْلِهِمَا، وَفِي النَّظَرِ إِلَى الثَّدْيِ لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ خِلَافٌ سَبَقَ فِي أَوَّلِ النِّكَاحِ، الْأَصَحُّ الْجَوَازُ.
قُلْتُ: مُجَرَّدُ النَّظَرِ مَعْصِيَةٌ صَغِيرَةٌ لَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ مَا لَمْ يُصِرَّ عَلَيْهِ فَاعِلُهُ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ لَا تَكُونَ ظَهَرَتْ تَوْبَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: أَطْلَقَ جَمَاعَةٌ - مِنْهُمُ الْإِمَامُ - أَنَّ الشَّهَادَةَ الْمُطْلَقَةَ أَنَّ بَيْنَهُمَا رِضَاعًا مُحَرَّمًا، أَوْ حُرْمَةَ الرَّضَاعِ، أَوْ أُخُوَّتَهُ، أَوْ بُنُوَّتَهُ مَقْبُولَةٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute