الطَّعَامِ، وَفِي اسْتِحْقَاقِ الْخَادِمِ اللَّحْمَ وَجْهَانِ، ثُمَّ قُدِّرَ أُدْمُهَا بِحَسَبِ الطَّعَامِ.
فَرْعٌ
قَالَتْ: أَنَا أَخْدِمُ نَفْسِي، وَطَلَبَتِ الْأُجْرَةَ، أَوْ نَفَقَةَ الْخَادِمِ، لَا يَلْزَمُهُ، وَأَشَارَ الْغَزَالِيُّ إِلَى خِلَافٍ فِيهِ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ، لَوِ اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ، قَالَ الْمُتَوَلِّي: هُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِي الِاعْتِيَاضِ عَنِ النَّفَقَةِ، وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ: أَنَا أَخْدِمُهَا لِتَسْقُطَ مُؤْنَةُ الْخَادِمِ، فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّهَا تَسْتَحِي مِنْهُ، وَتُعَيَّرُ بِهِ، وَقِيلَ: لَهُ ذَلِكَ، وَبِهِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَقَالَ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ: لَهُ ذَلِكَ فِيمَا لَا يُسْتَحَى مِنْهُ كَغَسْلِ الثَّوْبِ، وَاسْتِقَاءِ الْمَاءِ، وَكَنْسِ الْبَيْتِ وَالطَّبْخِ، دُونَ مَا يَرْجِعُ إِلَى خِدْمَةِ نَفْسِهَا كَصَبِّ الْمَاءِ عَلَى يَدِهَا، وَحَمْلِهِ إِلَى الْمُسْتَحَمِّ وَنَحْوِهِمَا وَفِي هَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ مِنْ وَظِيفَةِ الْخَادِمِ. وَعَلَى هَذَا إِذَا تَوَلَّى بِنَفْسِهِ مَا لَا يُسْتَحَى مِنْهُ، فَقَدْ تَوَلَّى عَمَلَ الْخَادِمِ، فَهَلْ تَسْتَحِقُّ تَمَامَ النَّفَقَةِ، أَمْ شَطْرَهَا، أَمْ تُوَزَّعَ عَلَى الْأَفْعَالِ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ، وَهَذَا فِيهِ كَلَامَانِ، أَحَدُهُمَا: ذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ أَنَّ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ كِفَايَتُهُ فِي حَقِّ الْمَخْدُومَةِ الشَّرِيفَةِ الطَّبْخُ وَالْغَسْلُ وَنَحْوُهُمَا دُونَ حَمْلِ الْمَاءِ إِلَيْهَا لِلشُّرْبِ وَحَمْلِهِ إِلَى الْمُسْتَحَمِّ، لِأَنَّ التَّرَفُّعَ عَنْ ذَلِكَ رُعُونَةً لَا عِبْرَةَ بِهَا. الثَّانِي: قَالَ الْبَغَوِيُّ يَعْنِي بِالْخِدْمَةِ مَا هُوَ حَاجَتُهَا، كَحَمْلِ الْمَاءِ إِلَى الْمُسْتَحَمِّ، وَصَبِّهِ عَلَى يَدِهَا، وَغَسْلِ خِرَقِ الْحَيْضِ وَنَحْوِهَا، فَأَمَّا الطَّبْخُ وَالْكَنْسُ وَالْغَسْلُ، فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنْهَا عَلَى الْمَرْأَةِ، وَلَا عَلَى خَادِمِهَا، بَلْ هُوَ عَلَى الزَّوْجِ إِنْ شَاءَ، فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ شَاءَ بِغَيْرِهِ، فَالْكَلَامَانِ مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَوَظَّفُ النَّوْعَانِ عَلَى خَادِمِ الْمَرْأَةِ، وَالِاعْتِمَادُ مِنَ الْكَلَامِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ.
قُلْتُ: الَّذِي أَثْبَتَهُ الزَّازُ مِنَ الطَّبْخِ وَالْغَسْلِ وَنَحْوِهُمَا هُوَ فِيمَا يَخْتَصُّ بِالْمَخْدُومَةِ، وَالَّذِي نَفَاهُ الْبَغَوِيُّ مِنْهُمَا هُوَ فِيمَا يَخْتَصُّ بِالزَّوْجِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute